Follow us

image

مرحبا مُواطِن! --بقلم: فاديا سمعان

فاديا سمعان – جبلنا ماغازين

بين ليلة وضحاها، تحّول الجميع إلى نسخة عن ميشال حايك ومايك فغالي وليلى عبد اللطيف... وإن لم يتحولوا إلى بصّارين في التوقع واللّاتوقع، تحولوا بقدرة ساحر إلى محللين استراتيجيين لا تفوتهم شاردة وواردة في كل ما يجري حولنا من الصين إلى روسيا إلى بريطانيا وأميركا حتى بتنا ننافس في تحليلاتنا مراكز الدراسات الاستراتيجية الكبرى. كل هذا في انتظار حلول الساعة الصفر لضربة الناتو المتوقعة لسوريا.
وبلد الأرز، الواقع بين خطوط النار شمالاً وجنوباً وبقاعاً وبحراً وجواً... منشغل بالتوك شو و"هيدي تضرّك وهيدي تنفعك" و "أنا أعتقد" وأنا أجزم" وأنا أتوقع" و"إنت اسكت"... حتى ليصحّ في ناسه المثل الشعبي القائل: الناس بالناس والقطة بالنفاس!
وأما المطلوب في هذه اللحظات التي تسبق العاصفة، القليل من النظر إلى حال البشر! فاللبناني الذي عانى ما عاناه خلال سنوات الحرب الطويلة وما بعد الحرب من اجتياحات واغتيالات وتفجيرات وأعمال خطف وتدمير لمكونات الدولة، لم يعد يحتمل ان يكون كبش محرقة في حروب الآخرين؛ وبالتالي، فهو يستحق -على الأقل- التفاتة من المسؤولين في بلده نحوه.

فهل من مسؤول توجه إلى المواطن اللبناني وطمأنه - ليس على أمنه ومصيره فحسب، فهذا من سابع المستحيلات في بلد كلبنان – بل على الأقل أن كل التدابير الممكنة متخذة من أجل تحييد لبنان وتجنيبه ارتدادات الضربة المتوقعة لأقرب جيرانه؟

وهل من اتصالات رسمية أجريت على مستوى دولي لتأكيد حياد لبنان الدولة والتأكد من أن هذه الضربة – إن حصلت- لن "تطرطش" شظاياها أرض لبنان وشعبه، هو الذي فتح حدوده وبيوته ومخيماته للاجئين من سوريا وقبلها للاجئين من فلسطين؟

ألا التفتوا قليلاً إلى المواطن يا رجال الدولة... فلولاه لما كنتم تنعمون بما تنعمون به من مناصب ومكاسب! لا تنهمكوا بالتوقعات والتحليلات فتنسوه وتتجاهلوا وجوده! أجّلوا ظهوركم على الشاشات، فتلك الشاشات لن تهرب... أرجئوا مواعيدك وإجازاتكم وإطلالاتكم الجماهيرية الحابسة للأنفاس، وقوموا بعمل ما "ينفع" – هذا إذا كان لديكم (لا سمح الله) شيء ما نافع تقومون به.

تواصلوا في ما بينكم وما بين عواصم العالم.. إسألوا عن لبنان في هذه المعمعة... طمئنوا المواطن قليلاً، فجروحه لمّا تندمل بعد التفجيرات الإرهابية الأخيرة... تأكدوا أن المستشفيات جاهزة والحدود (من كل جهاتها) مراقبة وفرق الإطفاء والهاتف والطحين والبنزين وكل ما إلى ذلك من أمور ضرورية متوافرة لمواكبة أي تطور (ما عدا الماء والكهرباء بطبيعة الحال)...

المواطن يستحق التفاتة... لا بل واجبكم أن تلتفتوا إليه وتطمئنوه على الأقل أنكم موجودون لتعملوا من أجله... فهو من أوجدكم، وهو من نصبّكم مسؤولين عن أمنه وحياته ومصيره... وحقه عليكم أن تسمعوا أنينه وتحملوا بعضاً من همومه وتنصفوه... قليلاً!

اسمعوه... فها هو يصرخ في وجوهكم ويسأل: ماذا فعلتم، وماذا تفعلون من أجلي؟