Follow us

image

قلعة تبنين الجنوبية تنفض عنها غبار الزمن والحروب

تستعد قلعة تبنين الاثرية لورشة اعادة تاهيل وترميم في الاشهر المقبلة تعيد اليها رونقها الذي فقدته على مرعقود من الزمن بسبب الاهمال الذي يعمها وسط الاعشاب والجدران المنهارة. وقد قامت بلدية تبنين بعد عدوان تموز 2006 بشراء نحو عشرة الاف حجر من احجار المنازل القديمة التي دمرت لترميم جزء من سور القلعة وهذه المرحلة تتطلب نحو اربعة ملايين دولار .

وقام اخيراً ً فريق من كل من المعهد الفرنسي للشرق الأوسط ومهندسين من مجلس الانماء والاعمار بدراسة مفصلة عن تاريخ القلعة لتأهيلها وترميمها، عقبه تواصل رئيس اتحاد بلديات القلعة نبيل فواز مع وكالة التنمية الفرنسية تمهيداً لوضع دفتر شروط يتم على اساسه تمويل المشروع لطلب مساعدات وتنفيذ المرحلة الاولى من تاهيل القلعة، وثمة سعي من (ابن البلدة) رئيس مجلس النواب نبيه بري لدى الصندوق الكويتي لتمويل جزء من المرحلة الثانية.
وقال فواز لـجريدة "النهار" ان مشروع اعادة ترميم القلعة سينفذ على مرحلتين: المرحلة الاولى ستنفذ من المعهد الفرنسي للشرق الأوسط و وكالة التنمية الفرنسية بالتنسيق مع وزارة الثقافة ومجلس الانماء والاعمار للحفاظ على القلعة وتنظيفها وتحسين الطريق المؤدية اليها ودعم جدرانها خوفاً من انهيارها، أما المرحلة الثانية فهي مرحلة الترميم الاساسية وتحتاج الى نحو 40 مليون اورو وتنفيذها يدخل في نطاق تأهيل قلاع الجنوب "وعلينا ان نسعى بكل جهد الى ايجاد حلول للحفاظ على القلعة التي هي من تاريخ بلدة تبنين والجنوب."

تاريخ القلعة

الآرميون هم اول من وضع حجرها الاساسي منتصف القرن التاسع قبل الميلاد عندما بلغت مملكتهم اقصى اتساعها وامتدت من اليرموك حتى الفرات شاملة سوريا الداخلية والشمالية واتخذت القلعة مقراً لقوافلها التجارية التي كانت في حاجة الى حماية منظمة منعاً للسلب والنهب . وفي عام 850 ق.م.قام حزائيل بن بنحدد بتوسيع ببنائها.


وبما انها كانت على خط المواجهات فقد دمرت مرات عدة واعيد ترميمها في عهد سنحريب الآشوري عام 690 ق.م. كذلك الامر في العصرين الروماني واليوناني ، اهملت في العصر البيزنطي الى ان جاء الصليبيون الى المنطقة في عام 1099. ودون المؤرخ الاوروبي وليم الصوري الذي عاصر الحروب الصليبية وسجل وقائعها ان قلعة تبنين اعيد تشيدها سنة 1107 م. على يد حاكم طبريا هوغ دي سان اومير ايماناً منه انها تشكل مع قلعتي الشقيف وصفد الثالوث العسكري المهيمن على صور .كانت تعرف باسم طورون واكتسبت اهمية بالغة على مر العصور اذ كانت مركزا ادارياً وعسكرياً ومنطلق للغزوات ، لعبت دوراً مركزياً في الحياة السياسية والادبية لجبل عامل حتى النصف الثاني من القرن الثامن عشر خصوصا ً في عهد الامير ناصيف النصار وخلفائه وبقيت القلعة مركزا ادارياً حتى مطلع القرن العشرين (عهد الانتداب الفرنسي)

 شكل القلعة 

القلعة مستديرة الشكل يبلغ قطرها 180متراً ً ومساحتها 25500 مترا ً مربعا ً يقال انها مؤلفة من 3 طبقات، طمر جزء كبير منها ولم يبقَ ظاهراً سوى القسم العلوي، فيها عشرة ابراج أوسعها البرج الغربي المطل على وادي السلطانية والمعروف باسم برج ابي حمد. يقابلها من الناحية الجنوبية الغربية ربض يبعد عنها قرابة 200 متر، مساحته لا تزيد عن 600 متر، له أربعة أبراج ويعرف بالحصن، القلعة محاطة بخندق من الجهات الثلاث، الطريق االمؤدية اليها كانت مرصوفة بالاحجار الصخرية الملساء، مدخلها عبارة عن رتاج واسع، في أعلاه نقشان في حجرين لصورة أسدين متقابلين خلفهما بعض الزخرفات المنحوتة في وسطه ، منه يتم الولوج الى الداخل حيث بهو كبير مستطيل الشكل أرضه مرصوفه ببلاط صخري واسع ينتهي الى بهو آخر له باب في وسطه عمود ضخم من الناحية الشمالية هناك بهوين آخرين أمامهما فسحة بالقرب من هذين البهوين آثار بناء لقصر معروف باسم قصر سلمان بك، اضافة الى آبار ومساحة يعتقد انها كانت فسحة احتفالات. في التسعينيات اهتمت الكتيبة النروجية بالقلعة وقامت بابتكار باب لها وفقاً لتصميم بابها القديم الذي نقله أحمد باشا الجزار بعد استشهاد الامير ناصيف النصار الى قلعة عكا.

تعرضت القلعة لعمليات سرقة ونهب لاثارها ، والاهتمام الخجول الذي حظيت به في العصر الحديث من الجهات المعنية لم يقها شر التاكل وهي في حاجة الى عناية فائقة تعيد اليها قيمتها الحضارية وتاريخها العريق.

وتستعد قلعة تبنين بفرح لتنفض عنها اليوم غبار النسيان.

*عن جريدة النهار