Follow us

image

مرقد عنزة... خارج لبنان؟ ~بقلم: فاديا سمعان

فاديا سمعان – جبلنا ماغازين

يا لها من مفارقة، أن تشهد الولايات المتحدة (حيث أعيش) عرسَ الديمقراطية – أي الانتخابات النيابية، قبل يوم واحد من إلغاء هذا العرس في لبنان!
إنها لمفارقة جارحة تصيب ملايين اللبنانيين من حاملي الجنسية الأميركية، وعددهم - بالمناسبة - يوازي عدد اللبنانيين المقيمين في لبنان.
تصيبهم في الصميم... فلا يعودون يعرفون ما إذا كان طبيعياً أن يهللوا لعرس اليوم ويَنوحوا لإلغاء عرسِ الغد، أم من الأفضل أن يمارسوا طقوسهم اليوم ويتغاضوا عن طقوس الغد وكأن لا شيء غريباً يحدث في وطنهم الأم.
ولكن، ليس باليد حيلة. وعلى هؤلاء أن يأخذوا من الديمقراطية كل ما تتيحه لهم الجنسية الأخرى التي يحملونها والتي تعطيهم حقوقاً لم تعطهم إياها الجنسية التي حملوها عند الولادة.
ففي الولايات المتحدة، ها هي الانتخابات تجري في مواعيدها الدستورية... وها هم المرشحون يخضعون لامتحان عسير، قد ينجحون فيه أو يخسرون ويعودون إلى منازلهم خائبين. ولكنهم في أي حال من الحالتين سيرتضون بنتيجة تصويت الشعب... هذا الشعب الذي يصوّت بملء إرادته وبكامل حريته، دون أن تمارس عليه أية ضغوط، بما فيها ضغوط الحاجة إلى القسط المدرسي أو الدواء أو تزفيت الطرق... أو "الإعانة المالية"!

أما في لبنان، فلا المواعيد الدستورية تحترم، ولا إرادة المواطن لها قيمة، ولا نواب وسياسيين يخضعون لامتحان... فهم أجازوا لأنفسهم البقاء على كراسيهم، مرة تلو أخرى، ولا من حسيب!
ليس هذا فقط، بل أوصلوا المواطن إلى مرحلة أصبح يشد فيها على أياديهم لكي يمددوا لأنفسهم... لرواتبهم ومخصصاتهم وامتيازاتهم ومواكبهم وحواشيهم وخطاباتهم البالية... فقط لكي لا يقع البلد في فراغ يهدد كيانه بأكمله!
بكل شطارة، وصلوا بالمواطن إلى هنا: إما نحن... وإما نحن وأنتم إلى الهاوية!
برافو... تستحقون التصفيق أيها النواب والسياسيون في لبنان. "ما حدا قدكن"... فراغ رئاسي لستة أشهر قابل لمزيد من التأخير، وتمديد ثانٍ لمجلس فشل في أهم واجباته، ألا وهي حماية الديمقراطية!
صفقوا لأنفسكم... أنتم تربحون التمديد ولكنكم تخسرون الثقة التي أوليت إليكم حتى جلستم على كراسي الكسل والخيانة وبيع الناخبين ب"الأنا والزعيم وبس"!

فليكن هذا التمديد لعنة تلاحق المستقبل السياسي لكل من أوصل لبنان إليه... وإلا فسنصبح نقول: "نيال مين إلو مرقد عنزة... خارج لبنان"!