Follow us

image

فيك تكره لبنان؟ --بقلم: الفنان أسعد رشدان

 أسعد رشدان - خاص جبلنا ماغازين

في مجتمع الكذب، لا أحدَ يصدّق أحداُ...

الأب والأم يكذبان على أولادهما، وبالمقابل، الأولاد يكذبون على أهلهم وعلى بعضهم البعض

الزعماء يكذبون على رعاياهم، وهنا لا أستثني أحدا منهم حتى الذين أحبّهم

ودعمًا لرأيي هذا، أستحضر مثلاً من الواقع اللبنانيّ موضوع كلامي، ألا وهو، أنّ معظم "المتواطنين"، يبدأون بالقَسَم والحلفان، بالترحّم و"تقبير أولادهم" قبل التفوّه بكلمة ممّا أرادوا التكلّم عنه. والحياة، أغلى ما لدى الإنسان بالمطلق، هي دائما محور التضحية، في بازار الكذب اللامحدود.

"والله"، أصبح السلعة الرائجة في هذا المجال".

"وحياة الله"... عبارة تتردّ آﻻف المرّات يوميّا، وعلى ألسنة من قال لهم نبيّهم يوماً: " فلتكن كلمتكم نعم نعم أو ﻻ لا".

المفارقة الكبرى، هي أن من يحلف باسم الله وحياته، لا أحد يصدّقه. فالله، لم يعد موضع ثقة عند هؤلاء، نتيجة كثرة آستعمال آسمه للكذب، في معرض الآدّعاء بقول الحق.

تصلح هذه المقدّمة ﻷن تكون هي، صلب الموضوع، وهي ليست كذلك.

لكن لماذا هذا التركيز على حالة الكذب التي يعيشها "مجتمعُ هناك"؟

يخيّل للبعض أني أكره وطني، رغم اني ما فتئت أعبّر عن الحب في عبير كلّ كلمة اتفوّه بها أو أكتبها، ولكنهم لا يصدّقون، لأنهم كذّابون...

الشوق الى حب الوطن يعشّش في كياني، والشوق هذا، هو الذي يغذّي فيّ هذه الثورة المسعورة ضد خاطفي الوطن من شبابه ومن أطفاله، إذ انهم لم ولا ولن يستطيعوا خطفه من رجاله وشيبه. فشوقنا الى حبّه أصبح مزمناً كمرضٍ لا دواءَ له. وما انتقادنا اللاذع سوى وسيلة تعبير وليس كرهاً ﻻ نعرفه ولا نعرف معناه ولا طعمه، بل غضباً، تولّد من صراع الحب والكره، صراع الجمال والقبح، صراع العشق والخوف على المصير.

مواقع التواصل الاجتماعي عرّت المجتمعات. والويل لمن عِريُه مقزِّز.

لن ابوح بسرّ إن قلت، كتبتُ ما كتبت على عدة مراحل وعلى مدى بضعة أيام. وقد صدف أن الانفجارين الأخيرين حصلا صبيحة الليل الذي بدأتُ فيه كتابة هذه السطور، ومنذ تلك اللحظة، وآلأخبار تتوارد من بلد "الإشعاع" (التفجيري)، ليس أقلها اغتيال من هنا وتهديد على أعلى المستويات من هناك...

أسألكم يا رفاق الدرب والمعاناة:

أهَل الذي أنا فيه، كرهٌ أم غضبٌ أم قرف ٌ؟

أم عليّ أن أطوّره الى كفرٍ بالأرض وبالسماء، بالإلحاد وبالإيمان، بالحيوان وبالإنسان ؟

ليكن معلوماً لدى القاصي والداني بأني بدأت أحضّر نفسي للرحيل. بعض الترتيبات، وأصبح جاهزاً...لا للاستغراب. ونصيحتي، أنِ آبدأوا بما بدأت، وأوقِفوا شريط الأحلام الأزليّة بأنّ أحداً سيخلّد هنا أو هناك أو هنالك في يوم من الأيام.

وليعلم الجميع أن الملايين من البشر، وفي لحظة الحقيقة، كانوا يتمنّون لو كانوا هناك في لحظات الانفجارات تلك. لماذا ؟

لأنه...

إضافة الى الهروب من المعاناة والأوجاع،

وإضافة الى الهروب من فكرة معرفة المصير المحتوم، وانتفاء هذه المعرفة في اﻻنفجارات المفاجِئة،

 بالإضافة إلى كل ذلك، يفوزون بلقب "الشهيد"...

وما أدراكم ماذا يعني ذلك لهم؟

يعني...

لعنة الله على الساعة التي ولدوا فيها في ذلك الشرق التعيس، حيث زرع الله الأنبياء والقديسين، فحصد الأبالسة والشياطين! ولكم أن تقرّروا بعدَ ما سلف، إن كنتُ حبيباً أم كارهاً أم حاقداً أو غاضباً.

والأرجح أنكم لن تجدوا العبارة المعبِّرة...

"**كنت، في الفترة الأخيرة، قد توقفت ليس فقط عن الكتابة، بل حتى عن التفكير بالتفكير وبالكتابة، لكنّ تأثير سحر إيمان بعض القليل من البشر يعمل بمفعول الهي،ّ فيلغي المقاومة (بلا معنى لانها آخر همّي).

فاديا سمعان (رئيسة تحرير هذا الموقع)، نسمةٌ ربيعيّةٌ من بلادي، نواةُ وطنٍ سأبقى أحلُم به إلى ما بعد الحياة".

أسعد رشدان – من أصل لبناني

هيوستن في 21 شباط 2014