Follow us

image

إذا تكلّمَ سوّاح الكبّة النيّة... -بقلم: فاديا سمعان

كلمة لو سمحتوا – جبلنا ماغازين

قبل شهر من اليوم، طرح أحد الأصدقاء على الفايسبوك سؤالاً من ثماني كلمات: "كيف ترون لبنان بعد عشر سنوات من الآن؟"

ترددت ثم احجمت عن التعليق... لأن أول ما خطر في بالي هو أن أجيبه بسؤاله في المقابل: "وهل سيقدّر لنا أن نرى لبنان بعد عشر سنوات من الآن؟"

ومنذ ذلك اليوم، لا يزال صدى سؤاله يتردد في أذني... وسؤالي المقابل يقضّ مضجعي. ولا أتحدث هنا عن مغترب قد لا تسنح له الفرصة لزيارة بلده الأم بعد عشر سنوات من الآن، بل عن لبنانيين - مقيمين أو مغتربين - قد لا يكون لهم بلد بعد عشر سنوات من الآن!

لا أكتب هذا لإشاعة التشاؤم، بل لأصرخ وأقول لمن يجب أن يسمع: كفى استهتاراً بالبلد وأهله، وكفى إهمالاً لشؤونه، وكفى تهرباً من المسؤولية! لا رئاسة... لا انتخابات... لا حلول لأزمة النفايات... ولا مقاربة لأي من المشاكل العالقة! وكأن البلد ليس بلدكم... وكأن ناسه ليسوا من أهلكم... وكأن الهواء الملوث والطعام المسموم والمياه الوسخة لن تفعل فعلَها فيكم وفي أبنائكم وأحفادكم، كما في الناس الذين وضعوا ثقتهم فيكم، فخذلتموهم!

نعم، قبل أيام نشرنا في هذا الموقع، ومن أجل المغتربين، فيلم وزارة السياحة عن لبنان الجميل الأخضر... لبنان الجبل والبحر والمساحات الخضراء والآثار والشوارع النظيفة والأبنية الراقية... ولكن هذا لا يعني أن هذه المشاهد البراقة هي الصور الوحيدة التي تصل إلى العالم. فالمغتربون ليسوا قاصرين عن مشاهدة CNN، أليس كذلك؟ 

لا شك في أن تلك الشاشة العالمية أبدعت في نقل صورة نهر النفايات الجاري بين "مرقد عنزة" وآخر...  شاهدناه جميعنا في الاغتراب، ويا لهول ما شاهدنا!

واليوم، أبدعت مجموعة "طلعت ريحتكم"، في فيلم نشرته على وسائل التواصل الاجتماعي، في نقل صورة جبال النفاية وشطآن الزبالة وأنهار الأوساخ المتراكمة المحملة بأنواع لا تعد ولا تحصى من السموم والحشرات والأمراض والجراثيم... والخير لقدام!

ولأن السكوت على الجريمة جريمة، وجب علينا الكلام...
ولأن "بحبك يا لبنان" لا تعني أننا نحبك وكفى، وجب علينا الكلام...
ولأننا معنيون - نحن المغتربين أيضاً - بما يجري في بلدنا الأم، وجب علينا الكلام...

من يعتقد أن المغتربين هم سواح الكبة النية فقط، فهو مخطىء! فالمغتربون لهم عيون وآذان ويعرفون تماماً أن من نُصبوا ليديروا شؤون البلد... كادوا يخربون البلد. وهم يعرفون تماماً أن لبنان بوجهين: وجه جميل صنعه الخالق بلا منة من أحد، ووجه بشع ببشاعة تلك الضمائر الغائبة! فلا يلومنّنا أحد إذا حكينا على الملأ ويتهمنّنا بأننا "نُهشّل" الزوار ونُكرّه المغتربين بلبنان... فالعكس صحيح. لأننا في الحقيقة نقول لهم: "أحبوا لبنان أكثر، واهتموا به أكثر، وارفعوا صوتكم قبل أن يخربوه لكم أكثر"!

وبحبك يا لبنان...

وأتمنى أن أراك بعد عشر سنوات من الآن على أفضل حال وقد تخلصتَ من الزبالة... سواءً تلك التي في الأكياس أو في أفخر اللباس!

(تحية للصديق سمير طبارة، طارح السؤال المشار إليه في بداية المقال)