Follow us

image

المشكلة ليست من فوق! ~بقلم: فاديا سمعان

فاديا سمعان – جبلنا ماغازين

بالأمس أتى بعض النواب بتمثال سيدة فاطيما إلى ساحة النجمة عساه يبارك مجلس النواب ويصنع أعجوبة تنهي أزمة الفراغ الرئاسي المستفحلة.

خطوة انتقدها كثير من المسيحيين قبل المسلمين، وامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات على هذا العمل غير المسبوق في لبنان، رغم أنه سجل دفاع البعض المستميت عنها. وهذا أمر طبيعي.

ولكن... بغض النظر عن "تماثيل المجلس" الذين استقبلوا التمثال العجائبي هناك وتصوروا معه فيما هم الداء الذي نبحث له عن دواء بشفاعة القديسين والأولياء، نتساءل... هل سيُتبِعون هذه الخطوة بإشعال البخور في قاعات القصر الجمهوري و"صبّ الرصاص المذوّب" فوق كرسي الرئاسة الفارغ؟ وهل بعد ذلك سيرشون المياه المصلى عليها في السراي الحكومي وعلى كراسي الوزراء؟ وهل سيلجأون بعدها إلى فكّ السحر واللعنات واللجوء إلى وسائل صدّ صيبة العين وغيرها من الشرور المحيطة بمجالس ومؤسسات الدولة؟

قد يفعلونها. فبعضهم يعتبر أن ما يحصل لا دور له فيه وأن الحل – كما المشكلة في ذاتها – يكون من فوق.

يذكرني ما يجري بحكاية رواها لي رجل دين يوماً. تحكي الرواية عن فيضان مفاجئ أغرق مدينة، فعلق رجل مؤمن على سطح منزله، فكان يصلي طالباً إلى الله تعالى أن ينجيه. وفيما هو يصلي مر بجانبه دولاب سباحة، فلم يأبه له، وواصل الصلاة. ثم رأى زورق نجاة يقترب منه، فتجاهله ايضاً. ثم مرت من فوقه طائرة هليكوبتر ومُدّ له حبل من داخلها لكي يتعلق به ويصعد إلى الطائرة، فلم يفعل. وبقي يصلي واقفاً على سطح المبنى حتى وصلته المياه وغرق ومات. وعندما ذهب إلى عند الخالق عاتبه قائلاً: "لماذ لم تنجني وأنا مؤمن بك ومتكل عليك؟"، فأجابه: "لقد حاولت أن أنقذك مرات عدة. ففي المرة الأولى أرسلت إليك دولاباً وفي المرة الثانية زورقاً وفي المرة الثالثة طائرة، ولكنك لم تتحرك للقيام بدور ما في المقابل والاستفادة من كل الفرص التي منحتك إياه للنجاة!"

جيد أن نؤمن ونتكل على الله... ولكن عندما نمرض علينا أن نذهب إلى الطبيب ونأخذ الدواء أو نخضع لجراحة ما ونعالج لكي نشفى... والله يساعدنا من فوق لكي نتمكن من الوصول إلى الرعاية الطبية الجيدة وشراء الدواء والصبر على الألم حتى الشفاء.

صلب الموضوع هنا ليس الإيمان أو عدمه أو كيفية ممارستنا لشعائرنا الدينية والتقاليد المرتبطة بها.
القصة هنا قصة نواب لا يقومون بواجبهم فيأتون بتمثال قديسة ليقولوا إن المشكلة ليست عندنا بل هي من فوق. لا دولاب السباحة أبهوا له، ولا زورق النجاة، ولا طائرة الهليكوبتر... وفي النهاية سيغرقون ويُغرقون معهم شعباً بكامله.

وكل مين ع دينه الله يعينه!

*(صورة التمثال عند مدخل مجلس النواب بعدسة الزميل عباس سلمان)