Follow us


في أواخر ولايته... الرئيس سليمان: ضميري مرتاح

كتب سمير منصور في جريدة النهار:

 

في الأشهر الأخيرة من ولايته، يبدو رئيس الجمهورية ميشال سليمان كأنه في الأشهر الأولى منها، مدركاً أن ثمة نهاية لكل شيء. وفي رأيه أن المهم أن يحافظ الإنسان في أي موقع كان على توازنه، وأن تكون تلك النهاية بداية لانطلاقة جديدة يستطيع أن يعطي شيئاً فيها للإنسان والمجتمع والوطن...

في الفترة الأخيرة تعمد تكثيف حركته إلى درجة إرباك جهاز الأمن والحماية والحرس الجمهوري. بالأمس كان قبل الظهر في بيت الدين وبعد الظهر في بعبدا. كل ذلك ليؤكد أن لا شيء يرهبه، حتى الصواريخ التي سقطت على مقربة من القصر الجمهوري، والتي يرفض اتهامات وجهت نحو "حزب الله" بأنه يقف وراءها، ويؤكد جازماً أنها اتهامات باطلة، والصواريخ أيا يكن مصدرها، لن ترهبه ولن تؤثر على مواقفه.
منهياً ولايته الرئاسية وهو في منتصف الستينات من العمر، من الطبيعي ألا يكون بعدها، بعيداً من الشأن العام.
بماذا يشعر ميشال سليمان مع اقتراب موعد مغادرته القصر الجمهوري؟
"
أشعر بالكرامة. لا شيء في الدنيا يساوي ذلك الشعور. ومن دونه يشعر الإنسان بخلل ما لدى مغادرته الموقع. طبعاً هناك انتقال من مرحلة إلى أخرى، ولكن ما يعوض هو ذلك الشعور بالكرامة".
هل يفهم من كلامك أنك ستخوض غمار العمل السياسي بعد انتهاء الولاية؟ يجيب رئيس الجمهورية: "إذا كان المقصود بالعمل السياسي الشأن الوطني، فليس لأحد منا أن يكون خارج هذا الإطار، وأما اذا كان بمعنى خوض الانتخابات وتشكيل كتلة نيابية، فهذا شيء جيد، لا بأس، ولكنني لا أملك القدرات المادية التي يفرضها هذا التوجه، فللانتخابات واللوائح أعباء ومتطلبات ولا سيما في زمن تصرف فيه الملايين من الدولارات على اللوائح، ويتطلب الانضمام اليها ايضاً أعباء مادية، لا أجد نفسي في هذا الأسلوب من تشكيل اللوائح والتحالفات. ومثل هذا المناخ لا يشجع. ثم أن قرار خوض الانتخابات يبقى خاضعاً لطبيعة القانون الذي ستجرى على أساسه، من جهة، وللمناخ السياسي العام من جهة أخرى. وفي كل الحالات، من قال إن السياسة محصورة بالانتخابات النيابية؟ في بلاد العالم يتعاون رئيس الجمهورية السابق مع الرئيس الجديد في القضايا الوطنية، ولطالما سمعنا برؤساء سابقين في الدول الكبرى والديموقراطية، يكلفون بمهمات وطنية، شرط أن يكون السابقون قد حافظوا على الصورة التي أشرت اليها، وعنوانها الكرامة، والاستقلالية، والعمل في سبيل الديموقراطية والإنماء، والترفع عن الدخول في زواريب السياسة والاصطفافات الفئوية".
وفي زمن التمديد تلو الآخر، هل يسعى الرئيس سليمان الى تمديد ولايته؟ هل راودته هذه الفكرة لحظة ما؟
يجيب: "قطعا لا. ما يهمني هو أن أسلم الأمانة في أفضل الظروف. والأمر الطبيعي هو إجراء الانتخابات في موعدها. المقاطعة ليست عملاً ديموقراطياً، الديموقراطية حضور وتصويت مع أو ضد".
وهل تخشى الفراغ؟ هل تشعر بأن ثمة من يدفع في اتجاه فراغ دستوري بدءا من الحكومة وصولاً الى رئاسة الجمهورية؟
"
لا أميل الى الاعتقاد ان هناك من يسعى إلى الفراغ. ربما هناك من يسعى إلى عدم إجراء الانتخابات لغايات شخصية، ورفضاً لمرشح معين يتم التوافق حوله، وفي هذه الحال، الدستور واضح في أن مجلس الوزراء مجتمعا يتولى المسؤولية الدستورية والتحضير لانتخابات الرئاسة في أقرب وقت".
ولدى سؤاله بعد عرض سلسلة مواقف له وصفت بـ"النارية"، عن متغيرات في خطابه السياسي يقول: "ضميري مرتاح، وقد عبّرت عن اقتناعات وطنية من صلب توجهات الرأي العام ونبضه. بوصلة الرأي العام لا تخطئ. وإذا كان هناك من أزعجته تلك المواقف فهذا شأنه، ولكنني مقتنع بكل موقف اتخذته، ولم أكن أسعى وراء شعبية ما. كنت أعبّر عن موقف وطني لا فئوي".
ورداً على سؤال يضيف: "يسرني طبعاً أن أسمع كلاماً عن "حضور" لرئيس الجمهورية وعن "توهج" في مواقفه. ليس بيننا من لا يرتاح إلى هذا الكلام، ولكنني كما قلت لك، كنت أعبّر عن اقتناع وموقف وطني. هل يعقل أن يختلف اثنان في لبنان على موقف يدعو إلى عدم التورط في الصراع الدائر في سوريا من أي جهة أتى؟ هل من يرفض البحث في استراتيجية وطنية تضع كل سلاح ضمنها في الدفاع عن الوطن ضد أي عدوان إسرائيلي، وقد وضعت مشروعاً على طاولة الحوار؟".
واذ يتجنّب "التكهن" في شأن التهديدات الاميركية بضربة عسكرية ضد النظام في سوريا، فإنه يؤكد في اختصار: "موقفنا واضح ويتلخص برفض كل تدخل عسكري خارجي في الصراع الدائر في سوريا، وبالتأكيد ندين استعمال الاسلحة الكيميائية والغازات السامة، على أن يكون للأمم المتحدة وحدها، حق المساءلة واتخاذ الاجراءات المناسبة".
وسواء كانت هناك ضربة عسكرية أميركية أو لا، فإن رئيس الجمهورية يكرر موقف لبنان الرافض أي تدخل، ويدعو إلى عدم الرهان على أي عمل عسكري أياً يكن مصدره.