رسالة مباشرة إلى.. يسوع المسيح: عُد الآن، ولا تخذلنا! -بقلم: أسعد رشدان
الفنان أسعد رشدان – جبلنا ماغازين
أسجد ﻵﻻمك أيّها المسيح...
أمّا بعد،
أرجوك سيّدي أن تتقبّل رسالتي، برحابة صدرك المعهودة .
رسالتي هذه، هي عبارة عن أسئلة قصيرة، تتطلّب أجوبة طويلة، لم تسمحْ ليَ ظروفي بالحصول عليها، لا من كليّة اللاهوت في جامعة الكسليك، وﻻ من رُسُلك المعاصرين المنتشرين على مساحة الكون اللبناني، اللامحدودة.
السؤال اﻷوّل سيّدي هو: هل أنت ترى وتسمع
وتدرك ما يحصل للمسيحيين وللبشر من جميع الطوائف واﻷديان، في العراق وفي سوريا وفي
إفريقيا وفي... وفي... وفي...؟
فيما مضى، كنتُ على قناعة، بأنّه لا تسقط
شعرة من رأسي إﻻّ بإرادتك، ولاحقاً، عندما بدأت أتساءل: هل ان ما يحصل في الكون من
سيئات هو إرادتك؟
وجدت لنفسي جوابا،ً طفت به على كل من
جمعتني بهم الظروف، لمناقشة موضوع الخير والشر، وأقنعت من أقنعت، بأن اﻹنسان، هو
من يختار بنفسه الخير أوالشرّ وبالتالي، يتّبع المسار الذي يختاره على أن يكون
الحساب في اﻵخرة الموعودة.
كما أني تساءلت، كما غيري، عن موت اﻷطفال
اﻷبرياء، الذين لم يدركوا بعد معنى الحياة، ولم يتذوّقوا ايّاً من حلوها أو مرّها،
ولا قدرة لهم على الاختيار، ووجدت لنفسي جواباً، وهو انك اخترت هؤلاء ليكونوا
بقربك، ملائكة تحتاج اليهم السماء لآكتمال النصاب.
هناك ما لم افهمْه البتّة، لذا قرّرت ان أتوجه
الى قدسك ببعض الأسئلة حوله، لقناعتي الثابتة بأنك نبع الحكمة والمحبّة، مصدر
الحياة وقاهر الموت...
سيّدي ومخلّصي...
أعرف أنك عشتَ حياة مليئة بالاضطهاد
والملاحقة، فالأسر والمحاكمة، إكليل الشوك، الجلد، درب الجلجلة وعناء حمل الصليب،
المسامير والصلب المذلّ، فالخلّ وطعنة الحربة، فالموت، ومن ثمّ القيامة المجيدة.
أسجد ﻵﻻمك أيها المسيح .
سيّدي ومخلّصي ...
لقد جئتَ الى هذا العالم بمهمّة محدّدة
واضحة، وكنتَ تعرف تفاصيلَها من لحظة الوﻻدة إلى لحظة القيامة، مروراً برهبة الموت.
سيدي ومخلّصي...
ما فتئنا نردّد في صلواتنا وتراتيلنا
وترانيمنا، في بيوتنا ومدارسنا وفي كنائسنا، كيف ذبحوك كالحمل، وطبعاً في صورة
تعبيريّة، المقصود بها موتك على الصليب.
السؤال هو التالي:
رغم كل ما عانيتَ وتحمّلت من آﻻم سيّدي، هل
صدَفَ أن تعرّضت لعمليّة ذبح واقعيّة حقيقيّة؟ أعني بفصل رأسك عن جسدك، وعلى مرأى من أبيك
وأمّك؟
هل ذُبح أبوك أمام عينيك، وهو يستغيث وما
من معين؟
هل سُبِيت أمّك أو اغتُصبت اختك، وأنت ﻻ
حول لك ولا قوة؟
هل أن خوفك من الموت بين يديّ أبيك، على
رجاء القيامة، يوازي خوف الآلاف من حملانك الأبرياء المسالمين من الموت على يديّ
داعشيٍّ مجرم حقير، ما رأت البشرية حيواناً مفترساً يوازي شراسته ووحشيّته؟
هل واجهتَ الموت بدفنك حيّاً، فيما أولادك
ينظرون إليك عاجزين؟
لقد سألتَ أباك وأنت في حضرة الموت: إلهي،
لماذا تركتني؟
وسألتَه أن يُبعد عنك هذه الكاس (يقال إنها
كأس الموت)
امّا أهل الموصل فقالوا: وُلدنا مسيحيين
وسنموت مسيحيين... وهكذا ماتوا.
سيّدي ومخلّصي ...
لقد أصبح العالم على مفترق خطير بين الكفر
والإيمان، كما أصبح الانسان يشكّك، ليس في وجود الآلهة والقديسين فحسب، بل اصبح
يشكّك في وجوده هو، بل في سبب وجوده، والغاية من وجوده.
قديس يشفي، مشكوراً، رجلاً او أمرأة من مرض
عضال، في ظاهرة تستقطب انبهار عدد لا يحصى من البشر، في حين أن اﻵﻻف من المسيحيين
يُنحرون على مذبح الإيمان والرجاء والمحبّة.
السؤال الأخير سيّدي :
لماذا يولد هؤلاء الناس ويعيشون في ظروف
حياتية معيّنة، سيئة في معظم الاوقات، ويواجهون الموت ذبحاً أو إعداماً بالرصاص أمام
أعين أهلهم والعالم، وبدم بارد يغلي إجراماً، فيما يولد آخرون في ظروف مختلفة
تماما، وينعمون بالبحبوحة والرفاهية والسلام؟
ذُبِح مسيحيو وأيزيديّو العراق بهدوء.
الكون بأسره يتفرّج وينظّر، وﻻ يد تمتدّ ولا قدّيسين...
سيّدي ومخلّصي...
نحن اليوم بحاجة ماسة إلى وجودك بيننا. لقد
وعدتنا بانك آتٍ، وليس لدينا سوى هذا الأمل نتمسّك به ونؤمن بانه حقيقة محتّمة.
لا اعتقد سيدي بأنه ستكون لنا حاجة لمجيئك،
كالحاجة الى وجودك بيننا اﻵن وبأسرع ما يكون.
أسجد لآلامك أيها المسيح
وأسجد مرّتين لآلام المسيحيين والأيزيديين
في الموصل وعلى جبل سنجار،
لذا أرجوك سيدي
....
عد اﻵن، وﻻ تخذلْنا ...فنحن بآنتظارك!
عبدك الفقير أسعد رشدان
(هيوستن – تكساس) 18 آب 2014
ملاحظة: المقالات التي ينشرها "جبلنا ماغازين" لا تعبر بطبيعة الحال عن موقف ورأي الموقع. فاقتضى التنويه.