كلمة سر" لرئيس لبنان؟
كتب علي بردى في جريدة النهار:
يرد النواب اللبنانيون عن بلدهم الكثير من الأخطار إذا سارعوا الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهلة الدستورية التي تبدأ غداً. يمكنهم أن يفعلوا ذلك - للمرة الأولى ربما - من غير أن تكون سوريا - أو سواها - الناخب الأكبر نيابة عمن ينبغي أن يكونوا ممثلي الأمة في لبنان. يستطيعون أن يرفضوا الخضوع لأي ضغوط أو إملاءات خارجية أخرى أياً كان مصدرها. لا "كلمة سر" توفر عليهم عناء اختيار رئيس قوي يبعد لبنان عن سياسة الأحلاف.
لا تزال الدول الخمس الدائمة العضوية في
مجلس الأمن: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، والغالبية الساحقة
من مكونات المجتمع الدولي، تلتقي على دعم قوي لحياد لبنان وسيادته واستقلاله
وسلامة أراضيه. تحظى سياسة النأي بالنفس عن أزمات المنطقة، وخصوصاً عن الحرب
الأهلية السورية، بدعم ظاهر وواضح من غالبية الدول باستثناء ايران. بالإضافة الى
الدور الواضح الذي تضطلع به المجموعة الدولية لدعم لبنان ومؤسساته السياسية
والعسكرية والاقتصادية وغيرها، لا تزال المساعي الديبلوماسية المتعددة جارية لدى
قيادة الجمهورية الإسلامية كي تساهم فعلاً في الجهود التي تبذل من أجل اقناع كل
الأطراف اللبنانيين بعدم التورط في مشاكل المنطقة والابتعاد عنها. أظهرت طريقة
تشكيل حكومة رئيس الوزراء تمام سلام وتركيبتها والثقة التي نالتها في مجلس النواب،
أن أحداً لا يرغب في اغراق لبنان مجدداً في دوامة العنف. لا خيار جيداً آخر أمام
الزعماء اللبنانيين المختلفين سوى الجلوس الى طاولة الحوار. هناك يتمكن المشاركون
من التشاور مجتمعين في السبل الافضل لانتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفاً للرئيس
ميشال سليمان. الفراغ ليس خياراً.
ليدع الأخوة نصحهم جانباً. لينصرف الأشقاء
والأصدقاء الى ما يعنيهم في بلدانهم. خلافاً لأي مرة سابقة، لن تكون لسوريا الرئيس
بشار الأسد "كلمة سر" كالتي كانت لسوريا الرئيس الراحل حافظ الأسد كلما
اقترب استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، علماً أن "دود الخل منه
وفيه" لدى بعض اللبنانيين المتباغضين أو التابعين. هؤلاء رأوا باعينهم أخيراً
كيف انتشى الرئيس السوري بخطوات داعمه الروسي في شبه جزيرة القرم وأوكرانيا. يبشر
باجراءات بقائه لولاية رئاسية جديدة من سبع سنوات في بلد تطحنه الحرب الأهلية منذ
ثلاث سنوات. لا ترف له عين "ساهرة" أيضاً على الرئاسة في لبنان.
خلافاً لأي مرة سابقة، لن تشارك الولايات
المتحدة أو أي دولة أخرى في انتخاب رئيس للبنان. يمكن النواب اللبنانيين أن
يمارسوا حقهم الدستوري بشفافية ومن دون ضغوط أو ترهيب في انتخاب رئيس قوي ونزيه
يحظى بعلاقات جيدة مع كل الأطراف في البلاد وفي الخارج، ويقود البلاد في مواجهة
التحديات الهائلة الناجمة عن تدفق مئات آلالاف من اللاجئين وعن عبور مئات
الارهابيين من سوريا الى لبنان.
يستحق اللبنانيون رئيس جمهورية لا شأن
للخارج باختياره.