عن الانتخابات النيابية اللبنانية للمغتربين... وبدون تعليق
نشرت الوكالة الوطنية للإعلام بتاريخ 30 تشرين الأول 2014 خبراً مفاده أن وزارة الخارجية والمغتربين أصدرت تعميماً على سفاراتها في كل من الكويت وأستراليا- سيدني ملبورن، طالبة منها التأكيد على اتخاذ التدابير اللازمة واستكمال كل التحضيرات من أجل إتمام العملية الإنتخابية، التي من المقرر أن تجرى يوم الجمعة الواقع فيه 7/11/2014 في دولة الكويت، ويوم الأحد الواقع فيه 9/11/2014 في دولة أستراليا- سيدني ملبورن.
وفي السياق ذاته كانت هيام القصيفي كتبت في جريدة "الأخبار" في 29 تشرين الأول مقالاً بعنوان: "الانتخابات النيابية بعد ثمانية أيام!"، وجاء فيه:
تبدأ الانتخابات النيابية اللبنانية لعام
2014 بعد ثمانية أيام... في الكويت.
وتبدأ الانتخابات النيابية اللبنانية بعد
عشرة أيام... في أوستراليا (سيدني/ ملبورن).
لكن في بيروت لا يزال المسؤولون اللبنانيون
يتحاورون في جنس الملائكة، وفي استيضاح المواقف من التمديد أو إجراء الانتخابات،
ويتصرفون وكأن الانتخابات النيابية ستُجرى فقط يوم الأحد في السادس عشر من تشرين
الثاني المقبل، بحسب ما حددها مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، ما يعطي الجميع فرصة
أطول للانتهاء من المشاورات لبلورة مواقف كافة القوى السياسية من التمديد أو عدمه،
ولا سيما أن بعض السياسيين أوحى أن التسوية قد لا تنضج إلا في الأسبوع الذي يسبق
التاريخ المحدد لإجراء الانتخابات.
لكن فات اللبنانيين، والمسؤولون في مقدمهم،
أن الانتخابات لن تبدأ في لبنان، بل في الخارج، وللمرة الأولى للمنتشرين
اللبنانيين. ونسي المعنيون أيضاً أن هناك لبنانيين تسجلوا في الكويت وأوستراليا من
أجل الاقتراع، وأن الحكومة هي التي حددت لهم يومين لذلك، في 7 و9 تشرين الثاني.
وهذا يعني أنه لا فرصة أمام القوى السياسية العاملة على خط التمديد، سوى ثمانية
أيام، فقط، لتقرير مصير الانتخابات أو التمديد للمجلس.
ثمة مفارقتان في ذلك: الأولى أن المعنيين
أغفلوا تفصيلاً بحجم اقتراع غير المقيمين، الذين وعدوا بأنهم سيقترعون للمرة
الأولى خارج لبنان. رغم أن المرسوم رقم 321 الذي صدر في ملحق الجريدة الرسمية في
19 آب الفائت، حمل 24 توقيعاً لرئيس الحكومة والوزراء، وحدد بموجبه اقتراع
اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية وفق الآتي:
يوم الجمعة 7 تشرين الثاني في دولة الكويت،
ويوم الأحد في 9 تشرين الثاني في دولة أوستراليا (سيدني/ ملبورن).
حدّد المرسوم
يوم 7 تشرين الثاني موعداً لاقتراع
اللبنانيين في الكويت
وبحسب المادة 107 من قانون الانتخاب عام
2008 الذي صدر على أساسه مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، على الدوائر الانتخابية في
وزارة الداخلية أن ترسل قوائم ناخبين مستقلة إلى كل سفارة أو قنصلية بأسماء الذين
تتوافر فيهم الشروط القانونية موزعة حسب الدوائر الانتخابية «على أن لا يقل عدد
المسجلين في الدائرة الانتخابية الواحدة عن 200 ناخب». وفقاً لذلك، وبعد المستجدات
التي طرأت على ملف الانتخابات بعد التمديد السابق لمجلس النواب وإلغاء الانتخابات،
ومن ثم إصدار وزارة الداخلية قراراً يعيد تثبيت حق الذين استوفوا الشروط الواردة
في نص القانون (قبل التمديد الأول)، بات في حق مجموعة من اللبنانيين، تبلغ نحو
ثلاثة آلاف، من أصل مجموعة أكبر كانت قد تسجلت قبل نهاية عام 2012، الاقتراع في
انتخابات عام 2014، بحسب نص مرسوم دعوة الهيئات الناخبة. ما يعني أيضاً أن جزءاً
كبيراً من اللبنانيين في البلدان الأخرى لم يعيدوا تسجيل أسمائهم (بعدما ألغيت
الانتخابات عام 2013) في وقت لاحق للاقتراع حيث هم، ولم يتعاملوا بجدية مع
الانتخابات، بعدما أوحت إليهم ذلك مواقف الأفرقاء اللبنانيين الذين يؤيدون تمديداً
جديداً للمجلس ويرفضون إجراء الانتخابات.
وبعد صدور مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في
آب الفائت، تبين أن من استوفى الشروط كانوا من اللبنانيين في الكويت وأوستراليا،
وقد تبلغت السفارات المعنية في نهاية شهر آب تعميماً من وزارة الخارجية والمغتربين
باتخاذ التدابير اللازمة لإجراء الانتخابات.
أما المفارقة الثانية، فتتعلق باللبنانيين
في أوستراليا الذين يواكبون زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، فهم
سيبقون منشغلين بالتحضير للانتخابات النيابية اللبنانية، عشية مغادرة البطريرك
أوستراليا في السابع من تشرين الثاني المقبل. علماً أن الراعي بدا حريصاً أكثر من
أي وقت مضى، وفي كل لقاءاته مع المنتشرين في أوستراليا، على رفضه التمديد للمجلس
النيابي.
وبين انتظار اللبنانيين في الكويت
وأوستراليا، يبقى ملف التمديد في لبنان عالقاً. إذ تبين أن ما كان يفترض أن يمرّ
بسهولة واعتبار التمديد أمراً واقعاً، بسبب اقتناع كافة الأفرقاء بأن الأوضاع
الأمنية المتردية لا تسمح بإجراء الانتخابات، لم تثبت صحته. وما حصل هو العكس، إذ
إن التمديد اصطدم بعقبة أساسية، هي موقف بكركي والقوى المسيحية الأساسية برفضه.
وهذا الأمر سيرتب مزيداً من التشنجات الداخلية، حتى لو أقر التمديد في نهاية
المطاف. لكن يبقى الأساس، أن الوقت لم يعد متاحاً لمزيد من ترف المشاورات
والاتصالات التي أسفرت حتى الآن عن خريطة مواقف باتت واضحة. ولأن أمام الجميع
ثمانية أيام فحسب قبل أول يوم انتخابات في الكويت، يفترض تبعاً لذلك أن يكون مؤيدو
التمديد أمام جولة مكثفة من جوجلة المواقف من أجل ترتيبات سريعة لجلسة «تمديد
الضرورة». وإلا فإن الجميع سيكونون أمام مأزق اختراع مخرج لعدم إجراء الانتخابات
اللبنانية في الكويت وأوستراليا.