ندوة في مكسيكو لمركز أميركا اللاتينية للدراسات اللبنانية: لبنان آخر معقل للتعايش والتعددية
رانيا نوار
خاص جبلنا ماغازين – مكسيكو
منذ تأسيسه في العام 2013 يسعى مركز "أميركا اللآتينية للدراسات اللبنانية Celibal" إلى اقامة الندوات والمحاضرات العالمية، وذلك في اطار نشر الثقافة والهوية اللبنانية، مظهراً صورة لبنان كبلد تميز عن محيطه بتعدّديته وحريته.
ولقد توج المركز آخر نشاطاته في ندوة أقيمت مؤخراً في مكسيكو سيتي بالإشتراك مع النادي اللبناني المكسيكي وجامعة Panamericana المكسيكية وجمعية الفنّان Al Fannan المكسيكية اللبنانية وعدد من الشخصيات والمفكّرين المكسيكيين من أصول لبنانية.
وميّزت هذا المؤتمر مشاركة جامعة لبنانية هي الجامعة اللبنانية الأميركية LAU. وقد شدّد مؤسس ومديرCELIBAL ، اللبناني - الأرجنتيني سيرجيو خليل، في تعليقه على الحدث لـ"جبلنا ماغازين" على أهمية هذه المشاركة - التي قلّ نظيرها في هذا الإطار - من ناحية توطيد العلاقات الفكرية وإشراك لبنان الأكاديمي بنشاطات الجالية اللبنانية ومدى غنى هذا التبادل الفكري والثقافي.
"لبنان آخر معقل للتعايش الديني والتعددية السياسية والثقافية العالمية"، كان عنوان الندوة الخامسة لـCelibal التي اقيمت قبل أيام المحاضرات في النادي اللبناني CLUB LIBANES في مكسيكو. وقد أراد سيرجيو خليل من خلال العنوان "تبيان فرادة لبنان عن غيره من البلدان في المنطقة. فهو رغم كل الأزمات التي توالت عليه في العقد الأخير، لا يزال بلدا متعددا يرفع راية حرية التعبير نسبة او مقارنة بجواره وبالأحداث والتيارات المهيمنة على منطقة الشرق الأوسط".
ماريا تيريزا نيكولا من جامعة بانامريكانا PANAMERICANA المكسيك استعانت في محاضرتها بكتاب أمين معلوف عن الهويات الثقافية المتعددة والتسامح، مشبّهة المجتمع المكسيكي بالمجتمع اللبناني من حيث تلك التعددية، مرجعة سرعة وسهولة اندماج وتكيّف المهاجرين اللّبنانيين في المجتمع المكسيكي تعود الى تلك الثقافة التعددية والمنفتحة التي حملوها من بلاد اجدادهم.
أما سيرجيو خليل، من جمعية الفنّان المكسيكية اللبنانية AL FANNAN، فقد استعان في محاضرته بالتاريخ، وسرد شارحا تاريخ بلدٍ عُرف منذ عقود طوال بتعدد ثقافاته واديانه. وأوضحت لينا بيضون من الجامعة الأميركية في بيروتLAU كيف أضحت تلك المؤسسة الأكاديمية مثالا للتعايش وإنتاج خرّيجين متعدّدي المذاهب والأديان ومتحلّين بأفكار علمانية في ظلّ احترام سائد للتنوّع.
لم يغفل سيرجيو خليل، في محاضرته التلميح إلى أن النظام في لبنان قد يكون ضعيفاً في بعض الأحيان متأثراً بالعوامل الخارجية بحيث كل طائفة، انطلاقا من شعورها بالاستقرار من عدمه، قد تميل الى الإنعزال والإستعانة بالخارج وترسو تحت مبدأ " الزعامة" التي تضعف النظام الديمقراطي الممّيز به لبنان. إلا أن ما "لا جدال فيه بالنسبة له هو مقارنة لبنان مع الدول المجاورة التي كانت تتحلى بالتعايش والتسامح في ظل تعدد ثقافاتها، باتت اليوم تعيش تحت وطأة الحركات الأصولية والهيمنة الدينية والسلطوية السياسية، وتبقى بيروت الوحيدة الراسية والمتحلية بالإستقرار والحرية".
وقال: "لطالما كان لبنان ملجأً للأقليات الهاربة من الإضطهادات الدينية والسياسية الإيديولوجية، ولطالما كان ولا يزال الحاضن الأول لهؤلاء. هذا ليس بفضل العثماني أو الفرنسي، إنما بفضل تركيبة لبنان الطبيعية التي سمحت له بأن يكون الملاذ الطبيعي لكل باحث عن حرية وهاربٍ من اضطهاد".
وختم قائلاً إنه "في ظلّ الخطة الشاملة العالمية، في إطار تعزيز مفهوم صراع الحضارات، تتوسّع الرقعة بين الشرق والغرب. انما في المقابل يختار لبنان أن يكون جسراً بين الحضارات ورمزا للتعايش في الممارسة وليس في الشعار مما يجعله "أُمة" بكل ما للكلمة من معنى".
تلت المحاضرات مجموعة من الأسئلة تم طرحها من قبل الحاضرين من رجال أعمال ومفكرين ومجموعة كبيرة من الطلاب وقد تمت النقاشات حول مختلف المواضيع. واختتمت الندوة بحفل كوكتيل حيث استمتع الحاضرون بتذوّق اطباق من المطبخ اللبناني.
وقال خليل لـ"جبلنا ماغازين" إن Celibal أضحى - من خلال ندواته ومؤتمراته وحلقاته الدراسية - معياراً أكاديمياً للبنان في أمريكا وصلة اتصال بين الجامعات اللبنانية والأمريكية اللاتينية. مؤكدًا على استمرارية العمل الدؤوب لنشر الهوية اللبنانية للمتحدرين من أصل لبناني لكي يطّلعوا على أهمية ورسالة بلد أجدادهم المتغنّي - ليس فقط بفولكلوره الذي نفتخر به - بل بحضاراته وحريته اللذين جعلا منه بلداً فريداً من نوعه. وأشار إلى دعوة تلقاها مركز Celibal للمشاركة في ندوة تنظمها جامعة "باناميريكا" في النادي اللبناني في مدينة "ميريدا" المكسيكية العام المقبل، وذلك في إطار نشاطات "الأسبوع العربي"، وتتمحور الندوة حول "مساهمات اللبنانيين في المجتمع المكسيكي ومدى انعكاس طبيعتهم المنفتحة وتعدد ثقافاتهم على نجاحاتهم المحفورة في تاريخ المكسيك". (المصدر: رانيا نوار - جبلنا ماغازين)