هَنا حمزة – دبي، الإمارات العربية المتحدة
مِن القمقم
بقلم: هَنا حمزة
إنها دبي التي تسقط عن عتبة مطارها نظريتك ونظريتي أننا أبناء جنة الله على الأرض وشعب الله المختار.. كل ملون هو "سريلنكي" أي خادم لنا، وكل عربي هو متخلف رجعي نتقدم عنه بمزجنا اللغة الفرنسية مع الانكليزية مع العربية.. وكل أشقر أبيض هو على نياته لا يعرف شطارة اللبناني وحربقته في العمل...
ياهههههه.. كم كنتُ أحتاج الى دبي لأفهم الحقيقة وأعي الواقع.. طائفتي ليست الأفضل, جنسيتي ليست الأهم, لون بشرتي ليس الأعرق, عائلتي ومدينتي كلها جزء من كياني من ذكرياتي من حياتي وفقط... هنا أعيش مع عشرات من الجنسيات المختلفة.. مع عشرات من الأديان والطوائف.. مع الأصفر والأسمر والأسود والأشقر... كلهم مثلي أو يتفوق عني ولو بشيء واحد.. لكل منهم قريته ومدينته وعائلته.. وأحلامه.. هنا تتحقق الأحلام نبني أسرة, نفتح بيتاً, نعمل ونجني، نتمتع بالأمان ونعيش بسلام، ونكتشف يوماً بعد يوم سر دبي وعظمتها... مدينة تسعنا جميعاً تتقبّلنا جميعاً.. صلاة الجمعة الحزينة في كنائسها تكاد حقاً تعانق صلاة جوامعها... لا تصنع بالتعايش بل ممارسة للتعايش.. يسقط السؤال من أي مدينة أنت ومن أي عائلة والى أي طائفة تنتمي؟ تشعر بالخجل إذا نعرت فضوليتك عليك.. فهذه أسئلة تحرجك ولا تحرج غيرك... ياه كم أنت رجعي متخلف عنصري تفكر بالعائلة والطائفة والجنسية ولون البشرة... الله خلقك وخلق 7 مليار غيرك يعيشون اليوم على هذه الأرض.. لست وحدك ولا تتفوق إلا بعلمك وجهدك وبراعتك ومثابرتك وحتماً أخلاقك... باللحظة التي تحط قدمك بحر دبي، وتشارك موجه ورمله مع مئات من الجنسيات المختلفة والأديان المختلفة والفئات الاجتماعية المحتلفة.. عند تلك اللحظة، عندما لا ترمش عين عامل أمام صدر امرأة شقراء في لباس البحر، وعندما لا تخجل سيدة محجّبة من العوم في ملابس السباحة الخاصة بالمحجبات، وعندما يلعب الطفل الهندي ويضحك مع الطفل البريطاني.. عندها فقط تعرف أنك جئت من قرية الى الكون، فتكسر عندها القالب وتخرج من القمقم!"