كم يوم وجايي يسوع! ~مناجاة من بيروت بقلم جورج يونس
صوتنا – جبلنا ماغازين
بقلم: جورج يونس - بيروت
كم يوم وجايي يسوع...
رح يعرف أكثر، ورح يشوف أكثر، ورح يتألم أكثر!
رح يرجعوا جروحاته ينزفوا، بس هالمرة بعيد ميلاده.
رح يفتش ع الزينة وما رح يلاقي إلا العتمة بشوارع بيروت المنكوبة وبيوت وطننا المهجورة.
رح يعد شجرات العيد ويلاقيها قلت كتير عنا، لأنو كتير ناس فلوا وكتار اللي ماتوا!
رح يزور البرادات الفاضية والبسمات المسروقة والنفسيات المدمرة.
رح يلاقي كتير إمات لابسة أسود هني وعم يستقبلوه.
رح يعرف حجم الفرق بين فرح الثورة ضد الظلم السنة الماضية، وقهر الناس المنهوبة هالسنة.
رح يعد الشمعات بزوايا وطني ويلاقيهم كتير قلوا.
رح يستفقد للهدايا تحت شجر العيد.
رح يشوف إنو المغارة هالمرة ببيوتنا معمولة من دموع شعبنا بهالسنة اللي مرقت.
رح يمشي بين ردم البيوت المهدمة واللي صارت متروكة ع "المدور."
رح يحس بالبرد تحت سقوف القرميد اللي كسرها الإهمال ب "الجميزة".
رح يسمع صفير الصقعة من البواب والشبابيك المخلعة والحيطان المشققة ب "الكرنتينا" ورح يبارك الجثث اللي بعدها مفقودة ع مرفأ بيروت!
رح يبكي لما يشوف ناس كانوا عايشين ببركته واليوم صاروا ناطرين الرحمة ع بوابه.
رح يعد الناس ويلاقيهم صاروا قلال.
رح يترحّم ع اللي بعدهم طيبين منا بعد ما استقبل اللي راحوا ع السما من عنا!
رح يفتش عالضحكة وما رح يلاقيها إلا ببيوت اللي سرقوا شعبهم ودمروا بلدن وتاجروا فيه.
رح تنزل دموع مريم.. بس هالمرة ع وجع شعب آمن بإبنها ع وسع الكون والمدى!
مسكين يا وطن يسوع!
مظلوم يا شعب الأجواع عنا!
مقهور يا هاك السرو العتيق بجبالنا!
يمكن نحن السبب، يمكن هني،
ويمكن الغضب من عندك بسبب تجار هيكلنا!
ما ترحمهم يا رب، ورجاع ضوي سراجك علينا، وازرع الأمل بقلوبنا.
نحن عم نفتش عالرجا، والرجا عندك. إنشره بكل الزوايا المقهورة اللي رح تمرق عليها، ووزع البخور بدل الدخان الأسود، والفرح بدل التعاسة، والخير بدل الفقر، واحمل معنا شوي هالصليب اللي صار حِمله كتير تقيل علينا، وقول لكل الفاسدين والمجرمين عنا إنهم رجعوا حمّلوك الصليب عن جديد، لأن كل شي عملوه بإخوتك الصغار كإنهم عملوه فيك، وكل جايع ما طعموه كأنهم ما طعموك، وكل بردان ما أمنوا له الدفا كأنهم ما دفوك، وكل عطشان ما سقيوه كأنهم ما سقيوك، وكل واحد سرقولوا تعب عمره كأنهم سرقوك!
يا طفل المغارة اللي جايي "نحن كتير منحبك"...
هالسنة بيوتنا كلها فقر ومخاوية البرد، حتى بالمغارة يمكن ما نقدر ندفيك!
اتطلع فينا بعد كل هالسنين اللي عشناها ع هالأرض مع المعاناة، وخلي رحمتك تزورنا لأنو مع اللي عنا بطّلنا نعرف معنى الرحمة!
يا رب إسمعنا، بجاه قدس السما وعظمة إرادتك لأنو كاسنا إنتلى وما بقى باقي من العمر أكثر من اللي راح.
يا رب إستمع صلاتنا وصراخنا الآتي اليك وحدك وليكن إسمك مباركاً كما دائماً فتحل علينا نعمة القدوس وتعود المحبة والطمأنينة والسلام لتعانق شوارع وقلوب وطننا وشعبنا المنكوبين.
بجاه ميلادك وزيارتك لعنا... إرحمنا يا رب!
*جورج يونس - بيروت