تلفزيون المستقبل والذاكرة الجميلة... - صبحي منذر ياغي
جبلنا ماغازين – صوتنا
تعقيباً على إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري إقفال محطة "تلفزيون المستقبل" التي واكبت اللبنانيين طوال ما يقارب الثلاثة عقود، كتب الصحافي الزميل صبحي منذر ياغي الآتي:
يتذكر اللبنانيون، ومنذ مطلع التسعينات، كيف تمكنت محطة "المستقبل" التلفزيونية أن تفرض نفسها كرقم صعب بين محطات التلفزة اللبنانية والعربية، حيث باتت لها هويتها ومدرستها وبرنامجها وأسلوبها، خلق القيمون عليها والعاملون فيها أسلوباً جديداً، وطريقة مميزة في تقديم البرامج والإعلانات، وفي الـSLOGAN والأغنيات التي كتب معظمها ولحنها المبدع القدير الفنان أحمد قعبور.
فمن منا لا يتذكر "يا حبيب الروح"... "بتمون" و"لعيونك".. و"البلد ماشي والشغل ماشي"؟
من منا لا يتذكر البرامج المميزة من "عالم الصباح" (الذي تميزت به محطة المستقبل حتى انتشر في باقي المحطات) إلى برامج "خليك بالبيت" و"سيرة وانفتحت"، "الليل المفتوح"، و"ترانزيت"، وغيرها من برامج ثقافية واجتماعية ورياضية؟
محطة المستقبل واكبت الفترة العمرانية التي شهدتها بيروت، وواكبت مراحل مصيرية هامة من تاريخ لبنان، من ثورة الأرز إلى معاركه في السيادة والاستقلال وكان تلفزيون المستقبل محطة انطلاق لعدد من الإعلاميين والمذيعين ومقدمي البرامج الذين ينتشرون اليوم في عدد من المحطات العربية والعالمية .
فهل أفل عصر هذه المحطة الذهبي، فقط بسبب المعاناة المالية، ويتم نسف شيئاً من "نوستالجيا" تسكن في بال العديد من اللبنانيين، تشعل فيهم حنيناً يذكرهم بالرئيس الشهيد رفيق الحريري، وبصماته ، وحضوره المميز في عالم السياسة اللبنانية والعربية وفي الإنماء والإعمار؟
كان المطلوب وضع خطة طوارىء لإنقاذ المحطة من خطر الإقفال، لما تمثله من رمزية وطنية في الوجدان اللبناني، وفي ظل تهاوي العديد من المؤسسات الصحافية في لبنان، والخطر الذي يحدق بجريدة "النهار" والتي لا تختلف في رمزيتها عن محطة المستقبل، وغيرها من الوسائل الإعلامية.
وكان من المفروض أن يتحرك رجال أعمال لبنانيون وأصحاب رساميل للوقوف الى جانب محطة المستقبل. الدعوة تشمل الطلاب اللبنانيين الذين تعلموا في أرقى جامعات العالم على نفقة "مؤسسة الحريري" وصاروا اليوم في أعلى المراكز. فاليوم هو الوقت الذي يجب أن يردوا فيه الجميل، وأن يثبتوا وفاءهم في هذه اللحظات من خلال التبرع المالي والدعم - كلّ حسب قدراته - فقط لبقاء هذه المحطة وتأمين رواتب الموظفين والعاملين فيها، الذين تحملوا وصبروا وضحوا، وعضوا على الجرح...
إنقاذ محطة المستقبل وجريدة النهار وباقي الوسائل الإعلامية اللبنانية المهددة بالسقوط واجب وطني، لأن بين لبنان والصحافة والإعلام ارتباط مقدس، هذا الارتباط جعل من هذا الوطن حصناً للديموقراطية ومنبراً للحريات... الحريات لكل المضطهدين في لبنان والعالم العربي.
*صبحي منذر ياغي – صحافي مقيم في لبنان