Follow us

image

الضربة الأميركية على سوريا - هل لبنان فعلاً مُحيّد؟ --تحقيق جبلنا ماغازين

تحقيق جبلنا ماغازين - واشنطن

 

مصير المنطقة على كف عفريت...
قد يكون هذا هو التوصيف الأمثل للوضع الذي يرزح تحته الشرق الأوسط، بما فيه سوريا ولبنان، عشية الضربة العسكرية المحتملة التي يعتزم الرئيس الأميركي باراك أوباما توجيهها للنظام السوري.

الضربة يمكن أن تحصل في أي لحظة بعد أن يتوجه أوباما بخطابه إلى الكونغرس الثلاثاء والذي ستليه مناقشة ومن ثم تصويت على التدخل العسكري من عدمه.

في هذا الوقت، بات الجيش الأميركي على جهوزية تامة، وخطط الهجوم جاهزة، وهي تتضمن خططاً كاملة تلحظ أيضا احتمالات حصول هجوم نووي عليه، كما قالت مصادر مطلعة في واشنطن ل"جبلنا ماغازين"، مشيرة إلى أن كل سيناريوهات ردود الفعل المحتملة على الضربة موضوعة بالحسبان.

وسط قرقعة طبول الحرب في المنطقة، إلى أي مدى لبنان فعلاً محيّد أو سيبقى محيّداً عما قد يجري في سوريا؟ وماذا سمع المعنيون بالشأن اللبناني من المسؤولين الأميركيين في واشنطن؟ وما مدى صلابة الوعود الأميركية بتحييد لبنان؟

يقول بيار مارون، المستشار والمحاضر في شؤون الشرق الأوسط والإرهاب لدى قيادة الشرق الأوسط في التحالف الدولي في CENTCOM Mac Dill Air Force Base  ل"جبلنا ماغازين": "في وضع مثل هذا نحن لا ننتظر من المسؤولين الأميركين ان يخبرونا بما يتجهون إليه، بل على العكس، نحن من يشرح لهم الوضع ليفهموا تداعيات حصول الضربة والنتائج التي من الممكن ان تترتب عنها، لأننا أخبر في شؤون منطقتنا". وإذ يعتبر مارون أن حزب الله وضع نفسه ووضع لبنان في موقف لا يُحسد عليه وأنه كان على الدولة اللبنانية منذ حرب تموز 2006 أن تأخذ موقفاً من حزب الله قبل أن يتحول إلى ما أصبح عليه اليوم، يشير إلى معلومات تقول إن حزب الله سيردّ في حال كانت الضربة على سوريا شاملة. ويضيف قائلاً: "هذا أمر طبيعي لأنها معركة مصيرية بالنسبة له إذ أن مصيره ومصير وجوده يتعلقان بمصير النظام السوري. وبحسب اعتقادي، سيردّ، وسيكون ردّه بكل ما يملك من قوة، وقد تحصل مفاجآت من جانبه ويكون الرد من قبله غير مسبوق في تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي. وفي حال ردّ حزب الله بهجوم على إسرائيل، لن تكون ردة الفعل عليه أميركية وحسب، بل إسرائيلية أيضاً، حيث سيتعاون الجانبان للرد على حزب الله أو أية مجموعات أخرى قد تهاجم إسرائيل".

ورداً على سؤال عما إذا كان لبنان سيصبح عندئذ الهدف رقم 2 للضربة الأميركية، قال مارون: "لا بل قد يتحول لبنان إلى هدف أول، مثله مثل سوريا. فوجود حزب الله في سوريا جعل من لبنان هدفاً؛ وذلك على الرغم من تصريح وزير الخارجية الأميركي بأن لا ضربة على حزب الله. مع ذلك، قد يكون ممكناً أن يلتزم الأميركيون بقرار تحييد لبنان، ولكن إسرائيل غير معنية بالتعهدات الأميركية".

من جهته، يقول رئيس التحالف الأميركي- اللبناني ميلاد زعرب نحن نتابع كل التطورات مع الجانب الأميركي "منذ لحظة إعلان أوباما عزمه توجيه ضربة لسوريا، ولقد أفدنا من مسؤولين أميركيين كبار بأن الضربة ستحصل قريباً". وإذ يبدي أمله بأن لا يتسرع حزب الله ويقوم بالرد على الضربة الأميركية لسوريا، يتساءل: لماذا من الأساس تدخل الحزب في سوريا ولماذا ذهب ليشارك في المعارك هناك؟ ويضيف: "لقد آن الأوان لحزب الله أن يتنبه لما يورط لبنان فيه من حروب تجلب عليه الويلات من وقت لآخر، واليوم إذا ما ردّ حزب الله على الهجوم الأميركي لسوريا بضرب إسرائيل، فستكون العواقب خطيرة جداً على لبنان".
ولكن زعرب يشدد في الوقت نفسه على ما سمعه التحالف من المسؤولين الأميركيين من وعود في شأن تحييد لبنان، فيشير إلى أنه "إذا ضُربت إسرائيل من قبل حزب الله، إسرائيل هي من سيرد، وليس الأميركيون". ويضيف أن مسؤولين كباراً في الكونغرس ووزارتي الخارجية والدفاع أكدوا للتحالف أن "أميركا لا تعتزم ضرب لبنان وأنها تتمنى أن لا يقوم حزب الله بأي ردّ عبر ضرب إسرائيل؛ فأميركا لا تريد توجيه ضربة لحزب الله بل للنظام السوري ولقد وردتنا تأكيدات من أعلى المسؤولين في واشنطن بأن لبنان محيّد عن أي ضربة أميركية لأن واشنطن حريصة على العلاقة التي تربطها بلبنان". ويكرر قائلاً: "إذا كانت هناك من ضربة ضد لبنان فستأتي من إسرائيل".

وردأ على سؤال عمّا بمقدور لبنان أن يفعله لتجنب أي مساس بأمنه في حال حصول الضربة على سوريا، يردّ زعرب بإبداء أسفه لكون الدولة اللبنانية غير قادرة على فرض أي شيء على حزب الله الذي – بحسب زعرب - بات يدير أمور الدولة بنفسه وبحسب مشيئته؛ وهو، أي الحزب، غير مرتبط بالدولة اللبنانية أصلاً بل بدولة الفقيه في إيران".

ومن جهته، مارون الذي يتلاقى مع زعرب في ما قاله عن عدم "مونة" الدولة اللبنانية على الحزب على اعتبار أنه يمثل الإرادة الإيرانية في لبنان، يشير إلى خطورة ما يُحكى من أن سوريا نقلت بعض أسلحتها الكيميائية أو صواريخ سكود إلى لبنان، ويعتبر أن تصرفاً كهذا سيكون بمثابة تشريع لضرب لبنان". ولكنه يضيف إن أي ضربة محتملة من قبل الأميركيين على لبنان في هذه الحالة ستكون محددة الأهداف وليست كما هي الضربات المحتمل أن تقوم بها إسرائيل التي لا تفرق عادةً بين مواقع حزب الله ومواقع الجيش اللبناني والمواقع المدنية". ويقول إن "الخوف ليس من ردة فعل أميركية بل من ردة فعل إسرائيلية قد تدمر كل شيء، وقد تكون نهاية حزب الله نتيجة عملية من هذا النوع. ومع الأسف، تشريع حزب الله من قبل الدولة اللبنانية كان خطأ كبيرا ما زال لبنان يدفع ثمنه".

وسط هذا كله، تشير مصادر مطلعة ومعنية بالملف اللبناني في واشنطن إلى أنه رغم تأكيد الجانب الأميركي بأن الضربة التي ستوجه لسوريا ستكون محدودة ومحدّدة الأهداف، إلا أن تبعاتها وردود الفعل عليها هي ما سيقرر وجهتها الفعلية.