رئيس منظمة “دروع لبنان” الأميركية بيار مارون: “لبنان ليس غزة... وحزب الله مرتاح لفراغ بعبدا”!
فاديا سمعان - فلوريدا
اعتبر رئيس منظمة Shields of United Lebanon (SOUL) الأميركية والمحلل في شؤون لبنان والشرق الأوسط بيار مارون أن الأجواء السائدة تشير إلى أن لا حرب إسرائيلية موسعة ضد لبنان في المرحلة المقبلة. وذلك لاعتبارات عدة تحدث عنها في لقاء أجراه معه موقع "جبلنا ماغازين" بعد عودته إلى الولايات المتحدة من زيارة للبنان دامت طوال أشهر الصيف.
لا حرب موسعة ولا بد من هدنة لمصلحة جميع الأطراف
قال مارون إن "حرب الإسناد التي بدأها حزب الله دعماً لحركة حماس في حربها ضد إسرائيل لم تنفع حماس وإنْ أخرت سقوط غزة ونفذ فيها حزب الله بعض الضربات التي تعد موفقة عسكرياً. ولكن المتضرر الأكبر من هذه الحرب هو لبنان، وبخاصة جنوبه، الذي شهدت بعض القرى فيه تدميراً هائلاً ونزوحاً كبيراً للأهالي. كما أن الاقتصاد اللبناني تأثر كثيراً بسبب ضرب الموسم السياحي الذي بدأ واعداً مطلع الصيف لتتصاعد وتيرة المواجهات والتهديدات وتؤدي إلى تخويف المغتربين وحملهم على المغادرة في عز موسم الاصطياف قبل تفاقم الوضع الميداني".
ورأى مارون أن "استهداف إسرائيل شخصيات قيادية عسكرية في حزب الله سيكون لها تأثير على أداء الحزب عسكرياً، فالمستهدفون هم شخصيات تربط ما بين القيادة والمقاتلين على الأرض؛ وهذا خطير جداً إذا أكمله الإسرائيليون، لأنه سيبقي على قياديين ليست لهم الخبرة الكافية في العمل العسكري، وبالتالي هذا سيؤدي إلى ضعضعة لدى الحزب على المستويين القيادي والعسكري". وأضاف: "واليوم، إذ توسع إسرائيل من نطاق استهدافاتها لتطال العمق اللبناني، وبخاصة في البقاع، فهي تهدف إلى محاولة فصل الجنوب عن باقي المناطق كما فعلت في حربها ضد لبنان صيف العام 2006. كما تهدف إلى خلق نقمة على حزب الله لدى أهالي البلدات المستهدفة، وذلك لإضعافه معنوياً".
أما عن التهديدات الإسرائيلية الأخيرة عن تحويل الضاحية إلى غزة، فقال مارون: "ضرب الضاحية ليس كضرب غزة. فلبنان هو دولة مستقلة ولديه أصدقاء حول العالم. أما التهديد والتهويل، فهو لزرع الخوف بين اللبنانيين وإضعاف معنويات الحزب وبيئة المقاومة. ولكن هل إسرائيل قادرة على تسجيل انتصار في لبنان في حين لم تستطع أن تسجل انتصاراً في غزة؟ وهل إسرائيل قادرة على فتح جبهة مع لبنان فيما جبهتها في غزة مفتوحة وقد تفتح في الضفة الغربية؟ وهل الشعب الإسرائيلي مستعد للدخول في حرب مع لبنان او او اجتياح لبنان ونحن أصبحنا على أبواب فصل الشتاء؟ الجواب لا. ولا أعتقد أن اسرائيل بإمكانها أن تدخل في حرب ضد لبنان من دون مساعدة الولايات المتحدة التي هي منشغلة حالياً بانتخاباتها الرئاسية".
ورداً على سؤال عن احتمال التوصل إلى تسوية، قال بيار مارون إن "التسوية عادة تحصل بنهاية الحروب وبحسب قدرات المنتصر. ولكن المرحلة الآن ليست مرحلة تسوية، فظروف التسوية لم تنضج بعد والحرب لا تزال دائرة. الآن هناك مجال لهدنة وليس لتسوية. ونتساءل هنا: ماذا ستعطي إسرائيل لحماس أو لحزب الله مقابل التسوية وماذا سيعطي الجانب الآخر لإسرائيل لكي تحصل تسوية؟ فبمجرد أن يبقى حزب الله موجوداً على حدود إسرائيل فهذا يعني أنه منتصر ولا تستطيع إسرائيل أن تفرض شروطها عليه. ومن جهة أخرى، إذا كان الحزب لا يستطيع التحرك كما يريد وقياداته تتعرض للاغتيالات واسرائيل لا تزال تضرب الجنوب والعمق اللبناني، فالحزب بدوره في وضع لا يحسد عليه ولا يستطيع أن يفرض تسوية. وعليه، لا أرى بوادر تسوية قريبة".
وأضاف: "أعتقد أن المرحلة المقبلة ستشهد الوصول إلى هدنة تفيد جميع الأطراف. فإسرائيل تحتاج لهدنة إذ ليس بإمكانها الدخول في حرب تعلم أنها لن تربحها في لبنان. والهدنة قد تناسب حزب الله في هذه المرحلة لكي يعيد كودرة قياداته ولملمة جراحه وتنشيط عمله العسكري".
واعتبر مارون أن "احتمال تطور الوضع الميداني في الجنوب إلى حرب موسعة ضئيل جداً. ولن تحصل حرب موسعة إلا في حال اتفقت مصالح نتنياهو - الذي لا يناسبه السلام الآن لأنه سيحاكم سياسياً وقضائياً - مع مصالح الإدارة الأميركية الحالية التي تمر بوضع انتخابي مزرٍ".
حزب الله يناسبه الفراغ الرئاسي
وعن لقاءاته في لبنان، قال إنه في خلال زيارتيه للبنان هذا الصيف وقبل ذلك في مطلع العام كانت له لقاءات عديدة مع أطراف في المعارضة بما في ذلك المعارضة الشيعية" ولمس من خلالها أن "المعارضة تعتبر أنها ليست في وضع ضعيف رغم أن حزب الله يحكم سيطرته على مفاصل الدولة ولكن حزب الله – بعكس ما كان يحصل في السابق – ليس بمقدوره اليوم أن يفرض رئيساً على اللبنانيين كما كان يفعل في الاستحقاقات السابقة عندما انتُخب إميل لحود وميشال عون. لذلك، أعتقد أنه في النتيجة سوف يحصل حوار".
وأكد المحلل والناشط الاغترابي بيار مارون أن "حزب الله هو المعرقل الأول والأخير لانتخاب رئيس للجمهورية. فهو مرتاح ويناسبه الوضع القائم حالياً إذ أنه يمتلك قرار الحرب والسلم فيما كرسي الرئاسة فارغ والحكومة مستقيلة ومن يحكم مصرف لبنان ينتمي إلى الطائفة الشيعية ومقرب من الثنائي الشيعي فيما يقف الجيش وقائده على مسافة واحدة من الجميع إذ لا قرار سياسياً بوضع الجيش في مواجهة الحزب".
لا خوف على مستقبل لبنان
وعن مدى خوفه على مستقبل لبنان، قال "لبنان بلد صغير والمغتربون وحدهم قادرون على إنعاش الاقتصاد اللبناني من جديد بمجرد حصول سلام أو تسوية معينة تنطلق معها مرحلة الإصلاح وإستعادة ثقة المجتمع الدولي وتفتح المجال أمام الاستثمار. أرى أن لا خوف على مستقبل لبنان اقتصادياً، فبمجرد أن يحصل سلام، سيكون اللبنانيون المقيمون والمغتربون قادرين على المساهمة في عودة الازدهار مع الأخذ بالاعتبار دور دول الخليج والدول الصديقة للبنان. أما الخطر الوحيد الذي قد يهدد لبنان فعلياً هو إذا ما تخلى اللبناني عن بلده، وهذا أمر لن يحصل أبداً. فمن يقفون اليوم على أبواب السفارات لا يسعون للمغادرة لأنهم غير مؤمنين بالبلد ولم يعودوا يريدونه وطناً لهم، بل لأنهم يبحثون عن تأمين مستقبلهم، وبالنهاية سيعودون كما فعل عشرات الآلاف من قبلهم".
ورداً على سؤال عما إذا كان تراجعاً أو إحباطاً لدى الاغتراب في ظل الأوضاع السائدة حالياً، قال: "الاغتراب لم ينكفئ ولم يحبط أبداً. فعلى الرغم من كل ما شهدناه العام الماضي من ظروف أمنية مقلقة، أتى المغتربون بشكل كبير إلى لبنان قبل أن يعجّل بعضهم بالمغادرة خوفاً من إقفال المطار في ظل التهديدات الإسرائيلية وتطورات المعركة بين حزب الله وإسرائيل". أما عن النشاط الاغترابي دعماً للبنان، فلفت مارون إلى أن اللبنانيين في الداخل ليس باستطاعتهم أن يحدثوا أي تغيير. وإذا كان اللبناني في الداخل عاجزاً عن إحداث تغيير، فاللبناني في الخارج لن يستطيع شيئاً، فدوره بالأساس أن يدعم الداخل وحسب".
واشنطن تعتبر لبنان دولة باقية
وأكد مارون من جهة أخرى أن سياسة الإدارة الأميركية تجاه الشرق الأوسط ولبنان هي واحدة لدى الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، "فهناك ثوابت لدى الادارة الاميركية تجاه الشرق الاوسط هي العلاقة مع إسرئيل والسعودية ودول البترول والأردن. والأمر الثابت لدى واشنطن حول لبنان هو أن لبنان دولة باقية".
أضاف: "هناك أصدقاء للبنان في الكونغرس، ونحن كمنظمات لبنانية أميركية نتواصل معهم جميعاً - دايمقراطيين أو جمهوريين - لمصلحة لبنان. وبالنسبة للانتخابات المقبلة، ليس هناك مرشح مفضل بالنسبة للبنان، أي رئيس أميركي سينتخب، ستكون نظرة إدارته للبنان والشرق الأوسط ذات السياسة الأميركية القائمة ولن تتغير. ما يتغير هو الأسلوب في التعاطي مع هذا الملف. ترامب أسلوبه مباشر وهناك شخصيات لبنانية مقربة منه تستطيع أن تفيد لبنان، ولكن أياً كان الرئيس المقبل في البيت الأبيض، سيكون لبنان دولة موجودة كما كان على أيام بوش وأوباما وترامب وبايدن، وستبقى الحكومة الأميركية داعمة ومساندة مادياً ومعنوياً للجيش اللبناني والقوى الأمنية".