النائب الياس حنكش لـ”جبلنا ماغازين”: ليتنا نتعلم من المغتربين كيف نتخطى خلافاتنا لننهض بالبلد
فاديا سمعان – جبلنا ماغازين
أنهى عضو كتلة حزب الكتائب النيابية النائب الياس حنكش في العشرين من آذار الجاري جولة في بعض الولايات الأميركية التقى خلالها أبناء الجالية اللبنانية، وبشكل خاص الكتائبيين منهم، في نيويورك ونيوجيرسي وفلوريدا وكاليفورنيا.
في نيويورك، شارك حنكش في حفل عشاء جرى خلاله تكريم السيد ضاهر شحادة المقيم في نيوجيرسي والمقرب من جميع أبناء الجالية في هذه المنطقة من الولايات المتحدة وأجرى في نيويورك عدداً من اللقاءات داخل مقر الأمم المتحدة تناولت أوضاع لبنان وملف النزوح السوري، كما شارك في نيويورك بأعمال مؤتمر "فرص الإستثمار الزراعي المبتكرة في لبنان" بدعوة من القنصل العام للبنان في نيويورك مجدي رمضان والجامعة الأميركية في بيروت بحضور عدد من المستثمرين اللبنانيين الأميركيين لحثهم على الإسثمار في القطاع الزراعي اللبناني.
ثم انتقل إلى مدينة تامبا في فلوريدا حيث حل ضيفاً مميزاً على المسابقة السنوية التي يقيمها قسم تامبا الكتائبي في الـ trap shooting وناقش مع الحزبيين وغيرهم من أبناء الجالية اللبنانية المواقف مما يجري في لبنان ودور المغتربين في بناء الوطن. وكان ختام جولته في كاليفورنيا حيث عقد سلسلة لقاءات تلاها تكريمه من قبل بلدية مدينة غلاندال التي يعيش فيها عدد كبير من اللبنانيين وفوجئ بإعلان بلدية المدينة يوم 19 اذار من كل عام يوماً للكتائب اللبنانية فيها.
في لقاء أجراه معه "جبلنا ماغازين" بعد انتهاء الجولة، أعرب النائب حنكش عن اعتزازه الشديد باللبنانيين المقيمين في الولايات المتحدة، فهم ناجحون في أعمالهم ووصل كثيرون منهم إلى مراكز مرموقة "ولكن علاقتهم بلبنان لا تزال وثيقة رغم البعد الجغرافي، وأولادهم يعرفون بتقاليدنا وتاريخنا وعاداتنا بشكل أدهشني بالفعل". كما لفته انسجام أبناء الجالية بشكل عام وقربهم من بعضهم رغم اختلافاتهم السياسية والحزبية، وقال: "ليتنا نتعلم منهم كيف نتخطى خلافاتنا ونبني على المساحات المشتركة بيننا لكي يتعافى بلدنا". كما نوه حنكش بالدور الذي تقوم به المؤسسة المارونية للانتشار في تقيرب المغتربين إلى لبنان وتشجيعهم على التسجيل واستعادة الجنسية داعياً كل الأحزاب اللبنانية إلى الانخراط في هذا المسعى، لأهميته، وبخاصة بعد إقرار تمكين المغترب من التصويت في الانتخابات النيابية.
وإذ تطرق الحوار مع حنكش إلى اللوبي اللبناني وإنكفاء عمله الموحد في السنوات الأخيرة، قال: "نستطيع أن نستعمل الديبلوماسية لمصلحة لبنان، أما عندما نرى أن هذا الأمر ينحرف لصالح أجندات لا تمثل كافة شرائح الشعب اللبناني، يضطر كل حزب أو طرف إلى توصيل تطلعاته وأفكاره الخاصة لدول القرار".
كما تناول الحديث مع حنكش ما يجري على صعيد محاربة الفساد في لبنان ونتائج زيارة وزير الخارجية الأميركي مارك بومبيو والقلق السائد لدى اللبنانيين في ظل الحديث عن تشديد العقوبات الأميركية على حزب الله.
وهنا نص الحوار مع النائب الياس حنكش كاملاً:
*قمت مؤخراً بجولة في بعض الولايات الأميركية والتقيت بكتائبين ولبنانيين من مختلف الأحزاب والميول السياسية، ما هو الانطباع العام الذي خرجت به من الجولة؟
-هدف الجولة كان زيارة وملاقاة كل اللبنانيين وبشكل خاص الكتائبيين ولكنني فوجئت بالتضامن الذي لمسته من قبل المنتمين إلى مختلف الأحزاب. فالمغتربون يتعاطون مع ما يجري في لبنان بطريقة تختلف جداً عما نراه في الداخل. ولفتني مدى تعلقهم بالبلد. التقيت بأشخاص ينتمون إلى الجيلين الثاني والثالث وهم يتحدثون اللغة العربية ولا يزالون متمسكين بعاداتهم وبالكبة النية وكاس العرق والزيارات، والجامع بينهم هي الكنيسة. وهناك تفاهم وتضامن بينهم. وأنا قلت أمام هؤلاء إننا يجب أن نتعلم منهم كيف نتخطى خلافاتنا الصغيرة ونبني على المساحات المشتركة بيننا لكي نرى بلدنا يتعافى ويقف على رجليه مجدداً.
*هل من رسالة حمّلك إياها المغتربون الذين التقيتهم؟
-ما لفتني من قبل هؤلاء هو اهتمامهم بلبنان بالفعل، وكثيرون سألوني كيف يمكننا أن نساعد لبنان ونقف إلى جانبه لبنان ونمد يدنا لإخوتنا في الداخل لكي نتمكن من فعل شيء لخير البلد.
*وما هي الرسالة التي حملتها أنت إلى المغتربين في الولايات التي زرتها؟
-كوني منتخباً حديثاً وكوني من هذه الطبقة الوسطى ومن هؤلاء الشباب الذين يحاولون أن يحدثوا تغييراً في الواقع المرير بالبلد، أتيت لأقول إن في لبنان من هم أصحاب نوايا صافية، وأنا أتحدث عن شباب كثر جدد في البرلمان، وكلنا عندنا نية صافية للنهوض بالبلد ووجدنا أن بيننا قواسم مشتركة أكبر بكثير من الاختلافات. وأتيت إلى الولايات المتحدة لكي أمد الجسور وأعطي المعنويات. ولكنني وجدت العكس. فالناس هنا أعطوني المعنويات، وأسباب ذلك كثيرة، منها الجهود التي تقوم بها المؤسسة المارونية للانتشار التي بالفعل تقوم بجهود جبارة وكذلك دور الكنائس والرعايا. والناس هنا حملوني أيضاً رسالة تقول إنهم مثلما استطاعوا أن ينجحوا في الغربة هم قادرون على النجاح في لبنان لو كانت هناك بيئة حاضنة وظروف تساعد على النجاح.
*هل لمست وجود خوف كبير لدى المغتربين على مصير لبنان؟ وكيف ستتعاملون مع هواجس الانتشار اللبناني؟
-لقد كنت واقعياً وشرحت لهم الظروف بصراحة. نعم الفساد مستشر ونعم هناك سيطرة على القرار في لبنان من قبل فريق أو من قبل حزب، وهناك انحياز لأجندات خارجية مصلحتها خارج لبنان. ولكن الخطوات الإجرائية التي يمكنها أن تقوّم مسار البلد بالمواضيع السيادية والاقتصادية والإنمائية والاجتماعية هي إجراءات قابلة للتطبيق في لبنان ولقد سبق أن رأينا إجراءات مماثلة نجحت في تقويم الوضع في دول أخرى. وبالتالي ليست نظرة تشاؤمية بقدر ما هي واقعية مع أمل وخطة للتغيير.
*في كلمة لك في تامبا (فلوريدا) تحدثت عن الأصالة اللبنانية التي أحسست أنها لا تزال موجودة وبقوة لدى المغتربين وبشكل أكبر مما هي موجودة الآن في لبنان. لماذا برأيك؟
-تاريخ لبنان وتراثه وعاداته وتقاليده غنية جداً. ولسؤ الحظ الأجيال الجديدة تأتي فتضيع بين التطور والتمدن والحفاظ على التراث والعادات والتقاليد. أما لماذا نشعر بوجود هذا الفرق لدى المغتربين أكثر من المقيمين، فبحسب اعتقادي أن ذلك يعود لكون الذي غادر من 30 سنة لا يزال يعيش هذه الأمور في الخارج ولا يزال متمسكاً بهذا التراث. بينما هي لدى المقيمين "تحصيل حاصل" يعني أننا لا نصر على تعليمها لأولادنا. في الخارج أولادنا يعرفون عن تاريخ لبنان وتراثه لأن أهلهم يزرعون فيهم هذه المعرفة، بينما نحن في لبنان نتكل على المناهج التربوية لتعلم هذه الأمور لأولادنا، وهذا لا يكفي. وهنا أشير إلى أنه يوم 6 نيسان ستفتح المتاحف في لبنان مجاناً أمام الزوار، والمتحف هو للحفاظ على الذاكرة الجماعية للبنان. وكم نحن بحاجة لأخذ ولادنا إلى المتاحف لتعريفهم أكثر بتاريخهم وتراثهم. في الانتشار أولادنا يعرفون عن التراث أكثر من الموجودين في لبنان. ونحن اليوم مسؤولون عن تعريف أولادنا بتراثهم وننمي هذه الثقافة لديهم من خلال الوزارات المختصة.
*بلدية مدينة "غلندال" في كاليفونيا أعلنت خلال زيارتك لها عن تخصيص يوم 19 آذار من كل سنة يوماً للكتائب اللبنانية في غلندال. لماذا هذا الاهتمام الرسمي في هذه المدينة بحزب الكتائب؟
-لقد فوجئت أثناء زيارتي لغلاندال بتكريمي من قبل المجلس البلدي وبإعلان يوم 19 آذار من كل سنة يوم حزب الكتائب اللبنانية في المدينة. هناك علاقة عضوية بين بلدية غلندال وحزب الكتائب اللبنانية. فأحد أعضاء الكتائب، آرا نجاريان، هو عضو مجلس بلدي في غلندال. إنها لفتة جميلة جداً وهي تعزز الروابط بين البلدين وهذه الخطوة سوف نبني عليها ونبحث في إمكانية توقيع توأمة بين هذه المدينة وإحدى المدن اللبنانية.
*هناك حضور كتائبي وازن في الانتشار، واللبنانيون وصلوا إلى مراكز مرموقة. فكيف للبنان أن يستفيد من هذه الطاقات سياسياً واقتصادياً؟ وكيف يسخّر الكتائب طاقات محازبيه في الاغتراب لخدمة قضايا لبنان؟
-ملفتة جداً النجاحات الكبيرة للبنانيين في أميركا، فهم "رفعوا راسنا". شاركت في نيويورك في مؤتمر نظمته الجامعة الأميركية والقنصلية اللبنانية عن الاستثمار بالزراعة في لبنان. المشاركون في المؤتمر كانوا كلهم potential investors وحققوا نجاحات باهرة في أعمالهم وفي الوقت ذاته يدعمون لبنان مادياً بشكل مباشر وغير مباشر من خلال منظمات ومجموعات تقف إلى جانب اللبنانيين، من هنا نرى فعلاً أن لبنان يقوم على جناحين، مغترب ومقيم، ونرى إلى أي حد يساهم الانتشار في الاقتصاد اللبناني. وكذلك كان حال أبناء الجالية اللبنانية في مختلف المدن التي شملتها جولتي حيث رأيت كم هم ناجحون وكيف يساعدون لبنان في الوقت ذاته.
كل حزب أو جهة لديها طريقتها للضغط (اللوبي) من أجل القضايا المحقة المتعلقة بلبنان. لقد كانت لدي اجتماعات في الأمم المتحدة وكانت العناوين اللي بحثتها مرتبطة بملف النازحين وتطبيق القرارات الدولية. ونحن بكل بلد عنا علاقات مع الجهات الرسمية وعلى أساسها نبني علاقاتنا كحزب مع الرسميين المتواجدين في مراكز القرار وفقا لمصلحة لبنان واللبنانيين.
*حزب الكتائب كان له دور كبير في اللوبي اللبناني الذي كان فاعلاً في الولايات المتحدة في مرحلة غير بعيدة، وبشكل خاص في مرحلة ثورة الأرز وما بعدها، وكا هذا اللوبي يضم ممثلين عن عدد من الأحزاب اللبنانية. فأين أصبح هذا التجمع اليوم وهل انتفت الحاجة إليه؟
-كل الأحزاب لا تزال تعمل lobbying في الخارج. ولكن في خلال مرحلة ثورة الأرز رأينا نتائج أكثر من قبل اللوبي اللبناني لأنهم كانوا موحدين تحت راية 14 آذار وكان لبنان في ذلك الوقت بحاجة إلى غطاء دولي. فكانت هذه الأحزاب تعمل كمجموعة واحدة، لذلك رأينا أنها كانت فاعلة أكثر. النية موجودة دائماً لتحسين علاقاتنا مع مراكز القرار.
*إذن هذا اللوبي اللبناني الموحد لم يعد موجوداً لأن 14 آذار لم تعد موجودة.
-إذا استثنينا الكتائب، أركان 14 آذار دخلوا في تسويات تخدم مصالحهم. أما اللوبي الذي كان موجوداً فلقد انتهى. وهنا نأتي إلى موضوع الجامعة الثقافية، فاليوم لو كانت لدينا سياسة خارجية موحدة وواضحة لكنا احتجنا للوبي أقل بكتير مما نحتاجه عندما نرى لبنان يتخبط بمواقفه السياسية من االمواضيع الإقليمية أو العالمية التي تمس باللبنانيين. نحن نستطيع أن نستعمل الديبلوماسية لمصلحة لبنان، أما عندما نرى أن هذا الأمر ينحرف لصالح أجندات لا تمثل كافة شرائح الشعب اللبناني، عندها يضطر كل حزب أو طرف إلى توصيل تطلعاته وأفكاره الخاصة لدول القرار.
*ما هي العلاقة التي تربط حالياً بين حزب الكتائب والجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، وهو يعدّ أحد مؤسسيها. وهل التقيت بمسؤولين في هذه الجامعة خلال زيارتك؟
-لم التقِ بالجامعة الثقافية وأنا لست مطلعاً على الملف ولكنني أعرف أنه كان لحزب الكتائب الدور الكبير في تأسيسها. هنا أكرر أنه يلزم وحدة بين اللبنانيين ليتمكن من الـlobbying ويدفشوا باتجاه واحد لكي يصب هذا الجهد في مصلحة لبنان العليا، لا أن تكون العملية من أطراف كل طرف فيها يشد الحرام إلى جهته. هنا أكرر كم هم مهم أن نوحد رؤيتنا ونظرتنا حول الرسائل التي نود توجيهها إلى مراكز القرار في الخارج.
*لأول مرة العام الماضي شارك المغتربون بالتصويت في الانتخابات النيابية في بلدان الإقامة، ما رأي الكتائب بهذه التجربة؟ وهل ستعملون على التشجيع لمشاركة أكبر وأفعل في الانتخابات المقبلة؟
-كان تصويت المغتربين حدث مهم رافق العملية الانتخابية. ولكن هناك أسباب حالت دون إقبال عدد كبير على التسجيل ليصوتوا في الخارج. الناخبون في الاغتراب لم تكن لديهم ثقة في أن العملية ستجري بالشكل السليم. وأعتقد أنه في الانتخابات المقبلة سيكون التصويت في الخارج أكبر بكثير، وكافة الأحزاب ستشجع جمهورها في الخارج على التصويت لأنه أصبح هناك وعي أكبر لأهمية هذا الموضوع. وأنا كنت المرشح الوحيد الذي كان يوم الانتخابات موجوداً خارج لبنان وزرت مركزاً انتخابياً في دولة الإمارات ووجدت أن هناك أمر مهم ومميز في هذا التصويت خارج لبنان، فالناخبون في الاغتراب أحرار ولا يحتاجون لأحد ويستطيعون التصويت بحرية. وهنا أذكر بموقف حزب الكتائب من موضوع قانون الانتخاب المتعلق بالمغتربين وهو أننا في الحزب رافضون لتحديد ستة مقاعد نيابية للاغتراب لأننا بذلك نفصل الاغتراب عن الوضوع اللبناني. ولقد قمنا بالفعل بتقديم اقتراح لتعديل هذا القانون. نحن نريد للبنانيي الانتشار أن يؤثروا بالحياة السياسية اللبنانية لا أن يكونوا معزولين عن الواقع اللبناني. ولقد وجدنا ترحيباص كبيراً من جانب اللبنانيين في الانتشار لخطوتنا هذه.
*المؤسسة المارونية للانتشار تقوم بالتعاون مع وزارة الخارجية اللبنانية بتشجيع المغتربين على استعادة الجنسية وعلى التسجيل بلبنان، فهل الكتائبيون في الانتشار واعون لأهمية التسجيل؟
-برأيي، الكتائبيون في الانتشار واعون جداً لأهمية التسجيل، وانا على الأقل أبني على الناس الذين التقيت بهم، فلقد كانوا متحمسين جداً لهذا الموضوع وأعتقد أن المؤسسة المارونية للانتشار تقوم بجهود جبارة في هذا الإطار وهي مشكورة على ذلك. وبما أن تصويت المغتربين في الانتخابات النيابية أصبح أمراً واقعاً، صار موضوع التسجيل في لبنان يعنيهم أكثر وعاملاً مشجعاً للدور الذي تقوم به المؤسسة المارونية للانتشار لكي ينخرط اللبنانيون أكثر بشؤون بلدهم الأم.
*رغم ذلك، وبشكل عام، هناك تقاعس كبير من قبل المغتربين عن التسجيل بلبنان. الأحزاب تساعد، ولكن ليس إلى حد يُحدث تغييراً على الأرض. لماذا أعداد الذين يتسجلون أو يستعيدون الجنسية لا تعكس هذه الحماسة التي تتحدث عنها؟
-كل الأحزاب لديها ماكينات اغترابية، وعلينا أن نفعلها باتجاه تحسين هذا الواقع. نحن أيضاً مقصرون. والمفروض أن يتحمل كل حزب مسؤوليته بالنسبة لهذا الموضوع.
*بالانتقال إلى الشأن السياسي، منذ بضعة أيام كنت مشاركاً في حفل العشاء لدى النائب ميشال معوض على شرف وزير الخارجية الأميركي. ما موقف الكتائب من الرسائل التي حملها بومبيو إلى لبنان؟
-في المبدأ نحن نعتبر أنه لا يمكن لحزب الله أن ينخرط بحروب إقليمية ودولية دون أن يتوقع ردة فعل عليه. هذه نتيجة سياسات حزب الله. اليوم لدينا مشاكل في لبنان بما يكفي لأن لا ننظر إلى خارجه ونكون جزءًا من أجندات لا تمت بصلة لمصلحة لبنان، ولا يستطيع لبنان أن يبقى صندوق بريد تتبادل فيه القوى الإقليمية والعالمية الكباش على أرضه. كل عاصفة تهب على المنطقة تؤثر على لبنان. حان الوقت لتحييد أنفسنا عن هذه الصراعات وحان الوقت لأن نعتمد سياسة حياد إيجابية تستطيع أن تجمع اللبنانيين من حولها. اليوم حزب الله يقول بلسان أمينه العام إن تمويله وسلاحه ودعمه يأتي كله من إيران، فإذن اليوم بإمكان خصمه السياسي أن يتوجه إلى بلد آخر وينتظر منه دعماً مماثلاً. المشكلة في لبنان تكبر لأن البلد لا يعتمد الحياد، وهذا يؤثر علينا مباشرة. الأهم إذن أن نعرف كيف نحيّد لبنان عن كل هذه الصراعات الموجودة. فعندما يكون منزلك يحترق لا يمكنك أن تهتم بما يجري في منزل جارك وكيف تطفئ حريقه أو تزيد المشكلة.
*وماذا عن العقوبات الأميركية على حزب الله ومدى تأثيرها على لبنان عموماً؟
-هناك تخوف حقيقي من موضوع العقوبات على حزب الله وما إذا كانت ستؤثر على كل اللبنانيين. تخيلي أن يمددوا العقوبات ولا يعود الـ intermediate bank نيويورك، فنصبح مضطرين للتعامل بعملات أخرى غير الدولار. هناك مشكلة كبيرة ويمكن أن يذهبوا بالعقوبات إلى مرحلة قد تؤذي لبنان بشكل مباشر. لذلك نعود فنجدد دعوتنا حزب الله إلى أن "يلبنن" نفسه في كل الاستحقاقات الموجودة.
*بتنا مؤخراً نسمع الكثير عن محاربة الفساد في لبنان، فهل لنا أن نعتبر أن القطار وضع على السكة وبدأت محاربة الفساد بالفعل في لبنان؟
-لست واثقاً من أن موضوع محاربة الفساد منزه عن تصفية الحسابات بين بعضهم. وكما دائماً، يتحدثون عن فساد دون أن يشيروا إلى الفاسدين، أي هناك فساد وليس هناك من فاسدين. الموضوع ذاته يتكرر وكل الأجواء التي نرى أنها تبشر بالخير نعود لنكتشف أنها تصفية حسابات لا غير. وكأن الفساد يتيم لا أم ولا أب له.