بلدة مشغرة الرائعة في البقاع الغربي... أكثر من نصف أبنائها في المهجر
بلدنا - جبلنا ماغازين
(بالتعاون مع المنبر الثقافي في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم)
بلدة "مشغرة" هي إحدى قرى شرق لبنان الجميلة. تقع على السفح الشرقي لجبل نيحا، و تشرف على مجرى نهر الليطاني وبحيرة القرعون. تتبع إدارياً لمحافظة البقاع في قضاء البقاع الغربي. تحدّها من الشمال قرية عيتنيت ومن الجنوب قرية سحمر ومن الشرق عين التينة. تبعد عن العاصمة بيروت حوالي ٨٠ كلم. يمكن الوصول إليها عن طريق عاليه- ضهر البيدر- شتوره- عمّيق- عيتنيت- مشغرة، كما يمكن الوصول اليها جنوباً عن طريق بيروت- السعديات- صيدا- كفرفالوس- جزين- جرود جزين- مشغرة.
ترتفع ألف متر عن سطح البحر ويصل ارتفاعها الى ١١٠٠ متر في أعالي البلدة. اسمها مشتق من اللغة الفينيقية الآرامية القديمة ومعناه "منبع المياه" أو المياه الغزيرة (شاغور الماء).
هي فعلاً اسم على مسمى، ففيها ينابيع مياه وافرة، تأتي من أعالي جبال نيحا التي تكتسي بالثلوج شتاءً.
أكد المؤرخون ان مشغرة تعود بداياتها إلى الحقبة الكنعانية، بحيث اكتشف فيها الكثير من الآثار والمعابد الفينيقية، كما كانت البلدة محطة لكثير من الجيوش التي اجتاحت بلادنا عبر تاريخها الطويل، ويعود ذلك لموقعها الاستراتيجي المشرف على سهل البقاع وعلى الجنوب اللبناني في آن معاً.
بعد حرب سنة ١٨٦٠ الدامية في لبنان، فصلت الدولة العثمانية اجزاء كثيرة من "ولاية جبل لبنان" ووضعتها تحت إدارة "ولاية دمشق" وذلك لفصل المتقاتلين وإبعادهم عن بعضهم، فكان أن أصبحت مشغرة خارج لبنان الإداري وتحت إدارة دمشق من ١٨٦٠ حتى ١٩١٩.
ارتبط اسم مشغرة بأغنية صادحة ومؤثرة لسيدة الأغنية اللبنانية فيروز "خطة قدمكن عالأرض هدارة" التي تبدأها بموال "يا قمر مشغرة" الرائع، فعشق معها اللبنانيون هذه البلدة قبل رؤيتها. أما هي، فلم تبخل على لبنان بعطاءاتها، إذ اشتهر من أبنائها الكثيرون في الوطن وفي المهجر، وقد أبدعوا في عالم الاقتصاد والصناعة والتجارة والزراعة، كما في الموسيقى والفنون عامة. وقدمت مشغرة خيرة شبابها للجيش اللبناني من أفراد ورتباء وضباط.
من منا ينسى ابن مشغرة الشاعر والملحن الراحل زكي ناصيف الذي وعدنا في عزّ الحرب بأن: "راجع راجع يتعمر لبنان" وصدق بوعده؟ ولا ننسى أن مقدم البرامج الشهير الراحل رياض شرارة هو من بلدة مشغرة، وكذلك الحال بالنسبة لوزير العدل السابق فؤاد رزق والإعلامي المعروف طوني بارود والصحافي القدير فواز طرابلسي والناشط في حقوق الانسان خارج الوطن محمد مرعي والعديد من أبناء هذه القرية الوادعة الذين لا مجال لذكرهم جميعاً في ها التقرير.
عائلاتها تربو عن المئة عائلة، لتشكل حوالي ١٧٠٠٠ نسمة مسجلين في لوائح القيد كأبناء مشغرة. نذكر من عائلات البلدة: آل عمَّار، نعمه، سرحال، ابراهيم، توما، فَقِيه، حمود، ابو عرّاج، شويري، شرارة، سمعان، بارود، الخشن، مرعي، ناصيف، زمّار، عواضة، معلوف، فخرالدين، صائغ، حمادي ورزق.
يقارب عدد المغتربين من أبناء بلدة مشغرة ١٢ الف نسمة، وهم موزعون بأكثريتهم في أميركا الشمالية، بين ولاية ديربورن في الولايات المتحدة وأوتاوا في كندا. وقد أسسوا في أوتاوا نادياً يجمعهم دورياً في احتفالات وبيك نيك سنوي تحت شعار "مشغرة بأوتاوا".
لأبناء مشغرة المغتربين حضور فاعل في دولة الإمارات العربية. أما في أوروبا وأستراليا وأفريقيا ودول أميركا الجنوبية، فحضورهم عادي.
تتوزع أعمالهم في كافة المجالات في بلدان الاغتراب، علما أن معظمهم يتعاطون التجارة العامة، وقد أبدعوا فيها، كما في مجال المطاعم والأكل اللبناني.
يزور مشغرة في فصل الصيف الكثير من أبنائها ليرتفع عدد المقيمين فيها صيفاً إلى حدود السبعة آلاف نسمة.
تنشط مشغرة بالعمل الزراعي وبدباغة الجلود، وتعتبر مركز ثقل إداري للدولة اللبنانية بعد قرية "جب جنين"، عاصمة البقاع الغربي. ففي مشغرة ثلاثة معاهد تربوية رسمية تابعة للدولة: ثانوية مشغرة الرسمية المختلطة ، مدرسة مشغرة الرسمية للبنات، ومدرسة مشغرة الرسمية للبنين. أما المدارس الخاصة فهي أربع. كما تحوي مشغرة على مركز للصليب الأحمر الدولي. ناهيك عن المساجد والكنائس المنتشرة فيها والتي تحاكي النسيج الاجتماعي والديني لـِ "لبنان الرسالة".
*إعداد: المنبر الثقافي في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم بالتعاون مع جبلنا ماغازين