راشيا الوادي – البقاع الجنوبي ٌRashaya
تشتهر بلدة راشيا المعروفة باسم "راشيا الوادي" بقلعتها التاريخية التي تعود إلى الوجود الصليبي في بلادنا عام 1172 م . وعرفت ايضاً باسم "بلدة الاستقلال". وأشتهرت البلدة والقلعة بعدما سجن فيها أبطال الاستقلال عام 1943. ويعود بناء القلعة إلى القرن الحادي عشر وربما قبل ذلك بكثير نظراً لوجود آبار رومانية قديمة في حرمها، وبسوقها الأثري الذي يعود تاريخه إلى القرن السابع عشر. وفي عهد الإمارة الشهابية كانت هذه البلدة المقّر الصيفي للأمراء، بينما كانت حاصبيا المقّر الشتوي.
تقع راشيا في البقاع الجنوبي، وهي المركز الإداري لقضاء راشيا في محافظة البقاع. يحدّها من الشمال: بلدة عيحا وسهلها الخصيب، ومن الجنوب: قرى بكيفا وبيت لهيا وعين عطا، ومن الشرق: جبل الشيخ / حرمون، ومن الغرب: بلدات ضهر الأحمر والمحيدثة والعقبة.
يبلغ عدد سكانها حوالي 10000 نسمة. ترتفع عن سطح البحر 1250 متراً. تبعد عن بيروت 87 كلم، و50 كلم عن مدينة زحلة. يرقى إنشاء بلديتها إلى العام 1860. استوطنها الرومان والصليبيون، وكانت معقلاً للشهابيين.
تعني لفظة راشيا في السريانية "القمة". وسميت راشيا بهذا الاسم توافقا ً مع موقعها الجغرافي المنحدر فوق هضبةٍ عالية. ودعيت باسم "راشيا الوادي" نسبة إلى" وادي التيم" وتمييزا ً لها عن جارتها الجنوبية راشيا الفخّار. ويحتمل أن يكون الاسم لفظة آرامية مركبة من مقطعين "راش - أيا" ويعني "رأس أيا"، وأيا هو إله المطر والمياه العذبة والحكمة عند السومريين ، وللتسمية هذه علاقة أكيدة بتاريخ حرمون.
كانت راشيا محطة استوطنها الرومان ومن بعدهم الصليبيون، ولهم البرج الصليبي في قلعة راشيا وما تلاهم من تعاقبٍ لحكام وممالك، أبرزهم على الإطلاق حكم الأمراء الشهابيين لمنطقة وادي التيم حيث استقروا منذ سنة 1183 م تقريبا وكانت معقلا لحكمهم في العهدين المملوكي والعثماني، والأمير بشير الشهابي الأول هو من راشيا.
وقد اكتسبت منطقة وادي التيم أهمية أيضا في عهد الأمير فخر الدين المعني الثاني وأصبحت معقلاً من معاقله. وفي عهد الأمير بشير الشهابي الثاني، وبعد دخول الجيش المصري إلى لبـنان، قاومت منطقة وادي التيم الجيش المصري وكبدته خسائر فادحة.
أما خلال عهد القائمقاميتين والمتصرفية، فقد كانت المنطقة في غالبيتها خارج حدود متصرفية جبل لبنان، وتتبع إلى ولاية الشآم، ثم ضمّت اليه بعد سنة 1920 إبان الانتداب الفرنسي وما أعقبه من اندلاع الثورة السورية الكبرى سنة 1925 وصولاً إلى حقبة الاستقلال.
من
معالمها الأثرية إضافة إلى القلعة:
أبنية وآثار شهابية تعود إلى العام 1307 م.
سوق راشيا ألأثري ويقع وسط البلدة محاطاً بقرابة 36 بناء قديماً، وأرضه مرصوصة بالحجارة بشكل هندسي متقن وطوله 250 متراً، ويعود تاريخه إلى القرن السابع عشر.
أقدم الكنائس في راشيا هي كنيسة القديس "مارموسى الحبشي" لطائفة السريان الكاثوليك، وتمتاز هذه الكنيسة بالفن المعماري الذي استخدم الطريقة القوطية (أي حجارة العقد) في بنائها حيث أتت على شكل سفينة، وهي نسخة طبق الأصل من حيث الشكل والمخطط عن كنيسة "قلعة جندل" التاريخية في سوريا. وتحتفظ الكنيسة بأيقونة شفيعها القديس مار موسى الحبشي النادرة الوجود، والتي يعود تاريخها إلى أكثر من 500 سنة.
أول هجرة من راشيا نحو بلدان الغرب بدأت في العام 1875 باتجاه أميركا اللاتينية ومن ثم توالت الهجرة نحو كافة أصقاع العالم. معظم مهاجريها استوطنوا البرازيل بالدرجة الأولى، ومن ثم كندا والولايات المتحدة الأميركية. وهناك عدد لا بأس به من أهل البلدة حالياً في دول الخليج. عدا عن انتشارهم في كولومبيا والمكسيك والأرجنتين وباناما وغيرها بأعداد قليلة في كافة دول أميركا اللاتينية وأوروبا.
أكبرعائلات راشيا هي: مهنا - ناجي - اللحام – عُلبي – دلال - زغيب - سعد- أبوحجيلي – قضماني - فايق – الحلبي - عيد – الشقرا - عبدو- ليان - زاكي - معلولي - وغيرها من العائلات...
تشتهر راشيا بصناعاتها الحرفية، وأهمُها: الفضة، وصوبيات التدفئة التي أخذت شهرة واسعة لما تتميز به من تقنية وحرفية فنية.
زراعياً، تشتهر البلدة بكروم العنب والعرائش الممتدة على الكثير من مساحتها وأشجار الزيتون والعديد من أصناف الفاكهة، وفيها معاصر العنب الشهيرة المنتجة للدبس، وكذلك مناحل العسل الممتازة الجودة.
تمتاز راشيا ايضاً بكونها تع بمحاذاة "جبل حرمون"، وهو الجبل الذي شهد تجلّي السيد المسيح، والذي تحتفل البلدة بعيد تجلّيه في السادس من آب من كل عام، ويتوافد المؤمنون من كل لبنان ليحتلفوا بهذه المناسبة عبر مسيرة تنتهي صبيحة العيد على قمة الجبل (الذي يرتفع 2814 م) وبإقامة قدّاس في المناسبة.
كما
تجدر الإشارة الى أن راشيا تضم أقدم أثر لمذهب المسلمين الموحدين الدروز (هو مجلس
شطنيل) حيث أنها كانت مهد إنطلاقة دعوة التوحيد في لبنان منذ العام 1017 م.
وبين وحدة الإيمان برب العالمين ، تشهد راشيا أن الله واحد والإيمان به يتعالى على
التفرقة والصراعات والمنازعات، فيعيش أبناؤها في رحاب النور الحرموني وببركة شيخهم
الفاضل "أبو هلال محمد" المتوفي
1640 م والذي تعود إليه تسمية "جبل الشيخ".
راشيا الوادي... بلدة تراث وبيئة وحقيقة إيمان... كانت وستبقى نموذجاً روحياً وإنسانياً للبنان التاريخ والحضارة.
*بالتعاون مع: منير مهنا – أنور أبو لطيف – صفحة "راشيا نيوز" وصفحة "ليبانيز تاونز" على الفايسبوك