ماذا قالت صباح في مقابلتها الأخيرة عن الحب والحياة وعلاقتها مع الرئيسين شمعون وسركيس؟
جبلنا ماغازين – طرابلس بوست
ورحلت صباح...
وبقيت أغنياتها وصدى ضحكاتها عابقة في المكان... تزينه بالفرح والتفاؤل وحب الحياة.
أحبت جمهورها حتى الرمق الأخير، فدعته إلى الرقص والغناء في وداعها. وكان لها ما
أرادت... فكان وداعها عرساً شارك فيه لبنان من أقصاه إلى أقصاه، وبكاها العالم
العربي، وحكت عنها وسائل الإعلام العالمية بصفتها أيقونة غناء وامرأة غير عادية.
إكراماً
لذكراها، يعيد موقع "جبلنا ماغازين" نشر آخر مقابلة صحافية مطوّلة أجريت
معها. وكان ذلك على صفحات مجلة "طرابلس
بوست" في العام 2008:
*بعد
كل هذا العمر، لماذا لم تجمعي ثروة؟
- الستر والصحة هما الثروة، وفعلياً جنيت الكثير من المال ولكن مسؤولياتي كانت
كثيرة، كما أنني كريمة بطبعي.
*هل
خططت جيداً للأيام؟
- أنا امرأة عندي عقل وقد استعملته احيانا هاهاها...، ولكن الظروف كانت أحياناً أقوى
من كل عقل.
*ما
هو أصعب موقف مررت به في هذه الدنيا؟
- هناك موقفان، الأول عندما توفيت أختي جوليات بسبب طلق ناري عن طريق الخطأ. كنا
أطفالاً وكان عمرها 10 سنوات، هذه المأساة لم تفارقني حتى اللحظة. الموقف الثاني
عندما رحلت أختي سعاد عن هذه الدنيا، اذ لطالما ربطتني بسعاد علاقة وثيقة، وقد
اضطر ابني ان يقنعني بالذهاب اليه في أميركا لفترة طويلة لأنه كان مدركاً بأنني
معرضة للانهيار بعد موت سعاد.
*بعد
لبنان، أي بلد هو الأعز لديك؟
- طبعاً مصر... انها فعلاً بلدي الثاني، عشت فيها 40 سنة تقريباً ويمكنك القول ان
"المصاروة" هم الذين ربوني.
*هل
يعجبك الفن اليوم؟
- نحيا في عصر اللاشيء، الأذواق تغيرت والناس تغيرت، الفراغ صار أقوى من أي معنى.
*هل تشعرين بأنك اخذت حقك في التكريم
والوفاء؟
ـ الناس تحبني وتحترمني وتتقبل مني الدلع والغنج حتى هذا العمر... هذا ليس أمراً
بسيطاً... أو حتى عفوياً. انه نتاج علاقة عمر بيني وبين الناس كنت دائماً فيها
وفية لجمهوري ولبلدي وحريصة على ممارسة حياتي بشكل محترم. مع ذلك فأننا في هذا
البلد نعيش مرحلة غريبة، واليوم كلما قامت مغنية شابة بترديد موال عتابا اعتبروها
أنها أعادت احياء التراث (تضحك).
*ست
صباح ... عقبال المية!
- عقبال ما يضل عقلي منيح من هون للمية...
*كيف تفهمين السياسة؟
- لست متعمقة...
*ربطتك دائماً علاقات وثيقة
بالسياسيين... بل بكبار رجال الدولة!
- صحيح... أحببت السياسيين ولم أحب
السياسة.
*ولك حكايات مع عدد من رؤساء الجمهورية
بدءاً من الشيخ بشارة الخوري...
- تعرفت الى الشيخ بشارة قبل وصوله الى
الرئاسة، حفيده كان يريد أن يتزوج ابنتي هويدا لكنها رفضته، بشارة كان رجلاً
محترماً لطالما قال لي وردد أمام الآخرين أن صوتي تراثي.
*والرئيس كميل شمعون؟
- أعبده عبادة، انه رجل بكل ما للكلمة
من معنى، طالما ساندني ووقف الى جانبي، كان يرفض أن أقصده الى القصر ويزورني في
بيتي ويطلع على ما أريد.
*هل أغرمت به؟
- أنا أعرف حدودي، وشمعون كان رجلاً
محترماً، ولم تتجاوز صداقتنا اطار الاعجاب والاحترام المتبادلين، أما اذا كنت تريد
قصة حب مع رئيس جمهورية فهي كانت مع الياس سركيس! (ضاحكة) كان ذلك قبل انتخابه
رئيساً للجمهورية، لكن العلاقة لم تدم سوى 9 أشهر، كان الياس سركيس جاري في
الأشرفية، حيث كنا نلعب "الايكس" صغاراً وخرجنا سوياً مراراً عندما كان
ضمن فريق الرئيس فؤاد شهاب. كان يردد أمامي دائماً بأنه يطمح للوصول الى مركز
مرموق، وكنت أجيبه: ان شاء الله.
*ما رأيك بما يحصل اليوم في لبنان؟
- بلدنا صعب وحزين والسياسة تكون
أحياناً أداة تدمير!
*هل أنت مع 8 أو 14؟
- صدقني أنني حتى هذه اللحظة لا أفهم
على ماذا يختلف أهل 8 وأهل 14، بكل الأحوال أنا مع لبنان.
*وماذا بوسعك ان تفعلي لهذا البلد الذي
غنيت له في احلى وأصعب ايامه؟
- اليوم... اصلي له!
*بعد
"تجارب" كثيرة... ماذا تقولين عن الحب؟
- عشت دائماً شخصيتي وقناعاتي في الحب، فلم ارتبط الا بمن كان يتمتع بأخلاق عالية،
كما لم أكن يوماً ضعيفة أمام أمر، وخصوصاً أمام أي رجل في العالم.
*هل
أحببت حقاً؟
- أحبوني أكثر مما أحببت. وربما لم أحب بالمعنى الكامل للكلمة. كان عملي الفني
أولوية في حياتي ولم أحب عليه أي رجل.
*اذا يمكننا ببساطة تحميلك كامل
المسؤولية عن فشل زيجاتك؟
- أزواجي لم يتمكنوا من تحمل شهرتي وقوتي، ومعظمهم خيرني بينه وبين الفن، وأنا لا
يمكن أن أترك العمل من أجل رجل! ربما، لو صادفت الرجل القادر على تأمين حياة كريمة
لي ولأهلي لسارت الأمور بشكل آخر، لكن ما حصل أن معظم أزواجي كنت أنا من يصرف
عليهم!
*كنت أقوى من أزواجك بسبب النجاح والمال؟
- لا، تلك طبيعتي، أنا قوية! وبالمناسبة أنصح كل امرأة الا تضعف أمام رجل.
*حتى لو أدى ذلك الى خسارة الحب والرجل؟
- "حب بينسي حب"... لا خسارة حقيقية في الموضوع!
*أما من رجل شعرت بأنه أقوى منك؟
- رشدي أباظة كان أقوى مني ولذلك انفصلت عنه، ولكنه واظب على حبي وعلى ارسال
الورود يومياً الي، حتى وفاته.
*واليوم، أي ازواج كان الأنجح وكنت تفضلين استمراره؟
- زواجي من جو حمود (النائب الراحل)، كان جو رجلاً بكل معنى الكلمة، لم يستغلني
وكان ينفق علي وليس طامعاً بي!
*عندما تصادفين مشكلة معينة لمن تلجأين؟
- أنا لا أحب جلسات الحكي ولكن أمام المشاكل الحقيقية ألجا الى ابني صباح الشماس
وهو طبيب نفساني...
*هل يعطيك وصفات معينة؟
- بل أنا من أعطيه... هاهاها!
*من هو الصديق الذي تبوحين له؟
- لا يجود صديق يحتضن بوح أحد ودموع أحد، غالباً أدخل الى غرفتي وأصلي، وفي
النهاية أكبر صديقة لي هي... أنا!
*هاتي أمنية في هذه اللحظة...
ـ بتمنى تضلوا تحبوني.
*واذا حصل وما عدت محبوبة؟
ـ أتقاعد، أنسحب الى أهلي وعائلتي وأكتفي بأولئك الذين سوف لن يكفوا عن تقديم الحب
الى الأبد.
*المعروف انك لا تحتفلين بعيد ميلادك، لماذا؟
- صحيح، أنا لا أحتفل بعيد ميلادي وأصلاً لا أعتبره موعداً مميزاً في حياتي، ربما
لأنني لا أحب الصخب، وربما لأنني ارى ان كل لحظة سعادة وكل لحظة نجاح هي بحد ذاتها
أحلى الأعياد.
*وأعياد زواجك... هل تحتفلين بها؟
ـ هاهاها... لا! وهل تتصورون أنني قد احتفل بعيد زواجي حتى ولو كان زواجاً
واحداً؟! ذات مرة احتفلت بريجيت باردو بعيد ميلادها، وحضر الجميع ولم يحضر الحبيب.
انتظرته رافضة اطفاء الشموع حتى الصباح، لكنه لم يأت، ويومها حاولت باردو
الانتحار!
*لو كنت مكانها ولم يحضر الحبيب...؟
ـ (ضاحكة) ربما أحاول الانتحار اذا حضر!
*عندما تجلس صباح مع نفسها وتتذكر كل هذه السنوات، هل تجدين ان الفرح كان أكثر من
الحزن؟
ـ تعلمت ان احتفظ بالفرح حتى لو كان الحزن كثيراً، وأنا راضية وقانعة بما قمت به
في حياتي. كل أيام حياتي كانت حلوة، مع أن الحياة في حقيقتها بشعة، الا أنني تمرنت
على الصبر والفرح.
*ماذا تعنين بتمرين النفس؟
ـ كما تمرن جسمك على كميات ونوعية من الطعام، تستطيع تمرين عقلك...
*لو كان لك الخيار اليوم بتغيير شيء ما في حياتك، ماذا تغيرين؟
ـ لم أكن لأتزوج وأنجب أولاداً!
*لماذا؟
ـ لأنني صباح، ولأن صباح ليست النموذج المثالي للمرأة والأم وست البيت، أنا مع
العائلة ومع الأمومة ولكن حياة امرأة نجمة مثلي هي استثناء، وكان ينبغي أن أخضع
لشروط وضوابط هذا الاستثناء!
*أكثر من 1000 أغنية... ماذا يخطر في بالك منها الآن؟
ـ أحب كثيراً "زي العسل" و"يانا يانا" و"ساعات".
*وأكثر من 80 فيلماً سينمائياً... ماذا تختارين؟
ـ هي تحديداً 85 فيلماً، وأختار "الأيدي الناعمة" المأخوذ عن قصة لتوفيق
الحكيم والذي أخرجه محمود ذو الفقار.