مافيا تزوير تستولي على عقارات المغتربين
كتبت جريدة "النهار":
تصلح قضية المواطن اسعد توما من بحبوش في
الكورة نموذجاً لما يتعرض له المغتربون اللبنانيون من سطو على املاكهم وعقاراتهم
من دون علم منهم، بواسطة عصابات منظمة تتولى التزوير ونقل سندات الملكية وكل
التفاصيل المتصلة بها.
قصة أسعد توما ليست الاولى، بل هو واحد من مئات الضحايا الذين تتولى "مافيا طويلة عريضة" عملية السطو على عقارات في لبنان، في إطار ما اصبح معروفاً بعملية الاستيلاء على اراضي المسيحيين او سرقتها او السيطرة عليها. بدأت قصة أسعد عندما اشترى قبل اندلاع الحرب عام 1974 قطعة أرض في منطقة بعبدا هي العقار رقم 4343، ليغادر بعدها الى اوستراليا في هجرة ارادها لقليل من الوقت، فاذا بها تطول كعمر الازمة اللبنانية المديدة. وخلال هذه الاعوام الطويلة حاول أسعد العودة الى وطنه الام والاستقرار فيه كلما كانت تلوح بارقة أمل بسلام وهمي، لتعود الامور الى دائرة الحروب وليهاجر مع عائلته مرة جديدة. وقبل عامين عاد الى لبنان وفكر في بيع عقاره في بعبدا، والمجاور لتلة الرهبان، بعدما ارتفعت اسعار العقارات هناك. وطلب من ابنته ايجاد الشاري وتحضير كل الاوراق اللازمة لذلك مثل افادة عقارية. لكنه فوجئ عند طلب الافادة من الدوائر العقارية في بعبدا بأن عقاره قد بيع منذ فترة وجيزة. وجنّ جنون أسعد وعائلته بعدما تبين لهم أن من استولى على العقار قام بفعلته بعدما زوّر هوية أسعد توما وطلب الاستحصال على صك ملكية "بدل عن ضائع" ليعود ويبيع العقار برمته، وكل ذلك بالتزوير!
وتقول محامية توما جورجيت خضير إن احدهم
انتحل شخصيته وأصدر وكالة بإسم طوني فهد النعامي من قب الياس لدى دائرة الكاتب
العدل في بيروت شادي رمال. وهكذا قام النعامي ببيع العقار الى ب. ن. شاهين بسعر
بخس قدره 400 الف دولار، في حين ان السعر الحقيقي للعقار يقدر بنحو مليوني دولار
أميركي.
قد تبدو الرواية أغرب من الخيال، لكنها تحدث يومياً في لبنان، وهناك من يقوم برصد
اوضاع العقارات واصحابها ومن يقيم منهم في لبنان ومن هم خارجه، ثم يتولى تزوير
الاوراق الثبوتية لمالكيها لكي يتولى في مرحلة لاحقة الاستيلاء على العقارات،
صغيرة كانت أم كبيرة.
بادر توما ومحاميته الى وضع اشارة على عقاره السليب، ورفع دعوى ضد النعامي المتواري، اضافة الى رفع دعاوى لاستعادة العقار لمالكه الحقيقي، ودخلت الأمور في متاهة المحاكم. ويقول توما إنه فقد كل ثقة له بالقضاء بعدما أخذت الامور تدور في حلقة مفرغة بين هذا القاضي وذلك، مع ان ارقام الهوية المزورة تختلف عن رقم هوية توما الحقيقية. وفي رأيه ان شاري العقار، وهو من سماسرة الاراضي، كان يجب ان يكون أكثر فطنة ويدرك ان السعر الذي بيع بموجبه العقار ليس السعر الحقيقي، فثمة فارق كبير بين 400 الف دولار، والسعر الحقيقي، اي مليوني دولار، وخبراء التخمين في الدوائر العقارية في بعبدا كان يجب ان يدركوا ان ثمة أمراً غير طبيعي في هذا السعر".
وتشرح المحامية خضير أن "الأمور تسير
في مجراها الطبيعي رغم الدعاوى المضادة لكسب الوقت، وأنها تنتظر اتمام التبليغات
لكي يبدأ القاضي بالنظر في القضية، الواضحة من الألف الى الياء".
لكن المسؤولية الرئيسية تبقى على عاتق الدولة اللبنانية التي يفترض ان تتولى
مواجهة المزورين وتعمل للحفاظ على أملاك المغتربين لا أن تطالبهم بإرسال الأموال
فحسب.
*عن جريدة النهار