زراعة “الحشيشة” في طريقها نحو التشريع في لبنان
جبلنا ماغازين – بيروت
بعد يوم على إثارته الموضوع مع السفيرة الأميركية لدى لبنان إليزابيث ريتشارد، خطا رئيس مجلس النواب نبيه بري خطوة إلى الأمام باتجاه تشريع زراعة "الحشيشة" في لبنان. وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام في خبر مقتضب أن الرئيس بري "كلف لجنة تضمّ اختصاصيين بإعداد صيغةٍ لاقتراح القانون المتعلق بزراعة القنّب الهندي، المعروف بـالحشيشة". وكان بري أبلغ السفيرة الأميركية أمس أنّ المجلس النيابي في صدَد الإعداد لدرس وإقرار التشريعات اللازمة لتشريع زراعة الحشيشة وتصنيعها للاستعمالات الطبيّة، على غرار العديد من الدول الأوروبية وبعض الولايات الأميركية.
وقبل نحو أسبوع تحدث الرئيس بري عن سعيه لإقامة "ريجي" لإدارة ملف زراعة الحشيشة لأغراض طبية وصيدلانية على غرار "ريجي التبغ". وكان قد أشار قبلها لدى استقباله مساعد وزير الخزانة الاميركي لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب مارشال بيلّينغسلي في كانون الثاني الماضي، إلى إمكان تطبيق النموذج المتبع في الولايات المتحدة وأوروبا لجهة تشريع زراعة الحشيشة للصناعات الطبية في لبنان. وأكّد وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال غازي زعيتر أنّ الرئيس بري منفتح على مسألة تشريع زراعة الحشيشة، مشيراً إلى أنّه اذا وجد الإطار التنظيمي لذلك، سيكون التشريع خلال أسابيع أو شهور.
وقد تضمن تقرير شركة الاستشارات المالية العالمية ماكينزي الصادر أخيراً توصيات للبنان منها تشريع بيع "القنب الهندي" المعروف بـ"الحشيشة" لأغراض طبيّة، إلا أنّ الشركة رأت أنّ تحويل ذلك إلى حقيقة سيستغرق وقتًا طويلًا.
منذ ما قبل الاستقلال، عرف لبنان زراعة الحشيشة في مناطق بعلبك-الهرمل. وحاولت الدولة تنظيم هذه الزراعة والحد منها وصولا الى لمنعها، لكن الحرب اللبنانية وتفلت الامور جعلا زراعتها والاتجار بها واقعا مفروضا برعاية من ضباط الوصاية السورية الذين دخلوا شركاء في تهريبها عبر الحدود المختلفة.
ومع استقرار الوضع الأمني وعودة مؤسسات الدولة بعد اتفاق الطائف، توقفت عمليات التهريب وزراعة الممنوعات الى حد كبير بموجب قرار سوري – لبناني ترافق مع رقابة دولية منظمة. وسعت الحكومات المتعاقبة مع منظمات دولية الى تنفيذ مشروع "الزراعات البديلة" منذ العام 1992، لتشجيع المزارعين على استبدال زراعة المخدرات بزراعات أخرى تؤمن مداخيل مالية كافية. وكان مقرراً ان يمتد المشروع على 15 سنة (1992 – 2006) بكلفة قُدّرت بنحو 3300 مليون دولار تعهدت الأمم المتحدة توفيرها، لكن المبالغ التي تأمنت لم تتجاوز الـ 20 مليون دولار وتوقف المشروع في العام 2000.
وقد نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريراً بعنوان "الحشيشة تحول كبير في الاقتصاد اللبناني" جاء فيه ان "الحشيشة" يمكن ان تشكل تحولاً كبيرًا في لبنان. وتطرّقت الى الخطّة الإقتصادية التي وضعتها شركة ماكينزي الأميركية، اذ توقعت في تقرير مؤلّف من ألف صفحة أن تدرّ الحشيشة مليار دولار على لبنان، الأمر الذي سيُنعشه إقتصاديًا.
وقالت إنّ "في بلدة بريتال البقاعية تجري زراعة الحشيشة، وعُرفت لسنوات بأنّها منطقة "محظورة"، ولكن إذا استمرّ الإقتصاديّون بخطّتهم، فإنّ تلك البلدة والمناطق المُحيطة بها ستتحوّل معملا مشرعا للحشيشة يعود بمليار دولار على الإقتصاد اللبناني". وأوضحت أنّ "الحكومة اللبنانيّة ستدرس قريبًا مقترحات لتشريع زراعة الحشيشة وتصديرها لأغراض طبيّة، علمًا أنّ هذه الخطّة هي جزء من الأفكار التي قدّمتها ماكينزي لإصلاح الإقتصاد".
وإذ ذكّرت بما قاله وزير الإقتصاد رائد خوري في حديث الى "بلومبرغ" عن أنّ "لبنان يملك أجود أنواع الحشيشة في العالم"، نقلت عن قاسم طليس وهو أحد سكّان بريتال قوله إنّها "خطوة جديّة لإصلاح الإقتصاد اللبناني"، مضيفاً أنّ "عددًا كبيرًا من أبناء المنطقة موقوفون، وكلّ مشتبه فيه لا يستطيع إيجاد عمل".
وذكرت بأنّ "الحشيشة تُزرع في البقاع منذ زمن العثمانيين، وبلغت ذروتها خلال الفوضى التي شهدها لبنان خلال الحرب الأهلية، اذ يقدّر ان ألفي طنّ صدّرت سنويًا عبر مرافئ غير شرعيّة على الساحل". وأفادت أنّ "الحرب السورية التي نشبت عام 2011 أدّت الى ازدهار جديد لدى المزارعين، الذين يقولون إنّ تجارتهم ازدهرت بنسبة 50% منذ العام 2012، إذ يمكنهم التصدير عبر الحدود سرًا".
واستناداً الى مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، "يُعدّ لبنان ثالث أكثر البلدان تصديرًا لهذه النبتة في العالم"، مشيراً الى أن "المصدّرين يحصلون على ما بين 175 مليون دولار و200 مليون دولار سنويًا، من خلال تصدير الحشيشة الى دول الخليج وأوروبا وأفريقيا وشمال أميركا".