اللبنانيون في الأرجنتين بين أكبر الجاليات وأنجحها ولبنان ينتظر زيارة السيدة الأولى! -رانيا نوار
رانيا نوّار – بيروت
بين لبنان والهجرة حكاية عمرها من عمر التاريخ ممزوجة بقصص الحروب والمجاعة. فلبنان، الذي لطالما عرف الإغتراب، يتناثر أبناؤه في أصقاع الأرض ويندمجون في المجتمعات التي يتواجدون فيها، وبشكل خاص في أميركا اللاتينية.
"الأرجنتين من البلدان التي تتواجد فيها ثاني أكبر جالية لبنانية في أميركا الاتينية بعد البرازيل". هذا ما اكده لنا سفير دولة الأرجنتين في لبنان السيد ريكاردو لارييرا. مشيراً إلى أن "أول لبناني وطأ أرض الجمهورية الفضية كان في العام 1870" وأنه "متعارف عليه في بلدنا القول المأثور"إن الشعب الأرجنتيني نزل من القوارب"، لافتاً هنا الى ديموغرافية البلد الذي يتكوّن بأكثره من مهاجرين تركوا أرض أجدادهم باحثين عن أرض بديلة علهم يلاقون فيها ملجأً وسلاماً.
السفير لارييرا، وفي مقابلة مع "جبلنا ماغازين" في بيروت، قال إن "شعب لبنان لطالما كان منفتحاً محباً للاكتشاف، والأرجنتين لطالما كان البلد الذي شرّع أبوابه لكل من وطأ أرضه باحثاً عن حياة آمنة". والجدير ذكره أن الجالية اللبنانية في الأرجنتين تأتي في المرتبة الثالثة بعد الجاليتين الإيطالية والإسبانية من حيث الأرقام العددية، إذ يبلغ عدد اللبنانيين في هذا البلد حالياً حوالي المليون ونصف، وينتشرون في مختلف المقاطعات كتوكومان، سانتياغو، روساريو، بيونس أيرس، ومندوسا.
"الجالية اللبنانية منخرطة ومندمجة في الحياة العامة"، يقول لارييرا، "هم مواطنون ارجنتينيون يتمتعون بكافة حقوقهم حالهم كحال أي مواطن أرجنتيني، وقد اعتلوا أعلى المناصب كحاكم مقاطعة توكومان الحالي خوان لويس منصور والحاكم السابق لمقاطعة كاتاماركا رامون سعاده والحاكمة السابقة لمقاطعة سانتياغو كلوديا عبدالله وغيرهم، بالإضافة إلى اعضاء البرلمان الذين أنشأوا لجنة أصدقاة لبنان والأرجنتين التي تقوم بنشاطات عدة لتوطيد اللحمة بين المتحدرين ووطنهم الأم".
أما من ناحية العلاقات بين البلدين، فأشار السفير أن العلاقات الدبلوماسية اللبنانية - الأرجنتينية احتفلت بعامها السبعين في 2013 في احتفال أقيم في جامعة الروح القدس الكسليك، وقد تم توقيع اتفاقيات عدة منذ ذلك الحين. أما حالياً، فتتم دراسة إمكانية إبرام اتفاقيات بين لبنان والميركسور(المجموعة الإقتصادية في أميركا الجنوبية التي تُعتبر من بين أهم التكتلات الاقتصادية في العالم).
وفي اطار العلاقات الثقافية الدينية، لا بد من ذكر الحدث الذي سيُعقد في 13 من شهر أيار المقبل في لبنان، حيث سيتم تدشين تمثال سيدة لوخان، التي تعتبر راعية الأرجنتين، في مزار سيدة لبنان- حريصا، بحضور رسمي ارجنتيني. وإذا أكد السفير على أهمية هذا الحدث، أدرجه في إطار تسليط الضوء على التقارب الإيماني والثقافي بين البلدين ورمزية اندماج الشعبين. فشعبا لبنان والأرجنتين "يجمعهما إيمانهما العميق بمعتقداتهما الدينية والثقافية"، على حد تعبيره.
من ناحية اخرى، ورداً على إمكانية تعزيز وتعميق العلاقات بين البلدين بوجود سيدة أولى من أصل لبناني، هي السيدة جوليانا عواضة زوجة الرئيس الحالي للجمهورية موريسيو ماكري، كما كان قد توقع وطمح اليه اللبنانيون، أكد السفير الأرجنتيني أنه "لا شك في أن هذا الواقع قد يساعد في إمكانية تطوير العلاقة بين البلدين والتي تحتاج الى مزيد من التمتين، وعلى الطرفين أن يبادرا إلى تعميق هذه العلاقة".
وعن إمكانية رؤية السيدة الأولى جوليانا عواضة في بلاد الأرز، أكد لارييرا أنها "مسألة توقيت لا أكثر، إذ ان رئيس الجمهورية اللبناني ميشال عون قد سبق وبعث لها بدعوة لزيارة لبنان، وقد أبدت السيدة عواضة رغبتها بالمجيء. ويبقى تحديد موعد الزيارة".
وفيما يتعلق بقانون استعادة الجنسية للمتحدرين من أصل لبناني، تطرق الحديث مع السفير لارييرا إلى دور السلطات الأرجنتيتية في هذا الإطار وعما إذا كان دوراً مساعداً، فأشاد لارييرا بهذه الخطوة من قبل الدولة اللبنانية، معتبراً أنها "تساهم في تأصيل جذور المغترب بأرض أجداده". وأكد أن اللبنانيين الأرجنتيين "ينالون من السلطات في البلاد كل التسهيلات اللازمة من دوائر النفوس والحكومية لتكملة ملفاتهم وأوراقهم لاستعادة جنسيتهم، خاصة وأن القانون في الأرجنتين لا يمنع إمكانية اقتناء جنسية ثانية".
وبعد تواجده حوالي الأربع سنوات ونيف في لبنان، اختصر سفير الأرجنتين انطباعه بالقول إنه طيلة فترة مكوثه في لبنان لم يشعر يوما ببعده عن وطنه. وأضاف: "لبنان مناضل في شعبه وطيب وكريم في ناسه، ولم أشعر يوما اني بعيد عن وطني. فالمحبة الإنسانية تذكرني ببلدي وشعبي"... ونأمل معه أن تتجسد تلك الكلمات في تطور ملموس للعلاقات بين البلدين بما يفيد الطرفين، وأن تساهم الجالية اللبنانية في الأرجنتين - أو في أيٍّ من بلدان الإنتشار – بلعب دور في تقريب المسافات والحثّ على إشراك لبنان في الإتفاقيات الدولية والتجارية لإنعاش اقتصاده ونشر ثقافته حول العالم.
*رانيا نوّار – جبلنا ماغازين