طاقة إغترابية هائلة ومقومات وطنية معدومة ~بقلم: محمد زريق
محمد زريق (زحلة) – جبلنا ماغازين
بدأنا نسمع في الآونة الأخيرة الكثير عن الإغتراب اللبناني والطاقة الإغترابية والمنفعة المادية والمعنوية لهذه الطاقة على البلد الأم "لبنان". ولكن السؤال الأكبر والأهم هو: "هل لبنان فعلاً مجهَّز ولديه المقومات التي تجعل منه بلداً قادراً على الإستفادة من طاقته الإغترابية؟"
الحلم جميل جداً والكلام أجمل ولكن الواقع مأساوي ومرير، فنحن لا نريد البناء على أحلام زائفة وتصوير لبنان بالبلد المثالي في ذهن المغترب اللبناني المتشوق للبنان. لبنان هو بلد فريد بمناخه وتنوعه الديموغرافي ومميز بحضارته وثقافته وتاريخه، ولكن عدم وجود تنظيم وتخطيط جعل الوضع كارثي في هذا البلد والفوضى تزداد يوماً بعد يوم.
عندما تهبط طائرة المغترب أو المتحدر من أصل لبناني سيفاجأ برائحة النفايات الصادرة عن المكبات العشوائية، وعندما يستقل السيارة سيشعر بالهذيان بسبب الحفر والطرقات السيئة والبنية التحتية العشوائية والمهترئة، وسيخيب ظنه إذا كان يطمح إلى العودة والاستقرار في بلده الأم لأنه لن يجد عملاً فنسبة البطالة في لبنان مرتفعة جداً بسبب الأعداد الكبيرة للوافدين الأجانب وعدم وجود سياسة متبعة من قبل الدولة حيال هذه المشكلة. وإذا أراد مغترب لبناني متمول أن يعود إلى وطنه للإستثمار والقيام بالمشاريع الإقتصادية ستقف بوحهه الكثير من العراقيل؛ مثل بيروقراطية الدولة وتشعباتها الداخلية والسياسة المافياوية المتبعة والمحسوبيات والرشاوى. كما وأن المغترب لن يكون قادراً على التجول بحرية وطمأنينة بسبب السلاح المتفلت بين أيدي الناس (موضة اليوم) وتواجد العصابات التي تقتل وتخطف وتسرق.
كم أنتَ محظوظ أيها اللبناني أنكَ نلتَ لقب مغترب! وكم أنتَ مسكين عندما تفكر بالعودة إلى هذا الوطن!
بلدنا ليس بحاجة إلى الكلام الطنان والإغتراب اللبناني بخير وليس بحاجة إلى دعم دولة منقسمة على نفسها. إذا كنا فعلاً نحب الإغتراب والمغتربين فلنحب بعضنا وبلدنا بالبداية ولنحاول ترتيب البيت الداخلي من خلال تحديث الأنظمة والقوانين والعمل على استتباب الأمن وخلق فرص عمل لللبناني المقيم والمغترب، فليس من المنطق استقبال الضيف والمنزل مهمل وغير مرتب.
لبنان يملك كل المقومات التي تجعل منه جنة على الأرض ونقطة جذب لكل مغترب وأجنبي، ما ينقصنا هو سياسة داخلية فاعلة والعمل بوطنية وإخلاص تجاه بلدنا، سياسة قادرة على أن ترفع من مستوى المعيشة والخدمات وتجعل من هذا البلد دولة حديثة وعصرية.
"كل ما يطلبه لبنان منكم أن تحبوه... تحبوه قليلاً"