أبو علي وعلي بابا... والزمن طويل! – بقلم: فاديا سمعان
فاديا سمعان – جبلنا ماغازين
أُعدم جندي لبناني بيد الإرهابيين...
تحدث رئيس الحكومة والوزراء والنواب. فكان كلام كثير بلا معنى.
قُتل جندي لبناني آخر بتفجير إرهابي...
مات والده حرقةً بعدَه بساعات دون أن يتفوه بكلمة. فقال كل الكلام الذي لم يُقل، وأطلق كل التساؤلات التي تُطرح هنا وهناك ولا تلقى لها جواباً.
إنه أبو علي. لا أعرف إذا كان الجندي الشهيد "علي" ابنه البكر، رغم ذلك سأسميه "أبا علي". وعليّ هو أحد الجنديين الذين استشهدا بعبوة ناسفة وضعها الإرهابيون أمس (الجمعة 19 أيلول) في عرسال...
أبو علي فارقته الحياة بعد أن فارقت ولدَه بساعات. فهو لم يقوَ على فراق هذا العزيز الذي كانت كلمة "بابا" أولَ ما نطق به.... وربما كانت آخرَ خاطرة مرت في باله قبل السقوط أرضاً مضرّجاً بدمائه!
تكلم أبو علي... قال كلمته ومشى، بعدما حرص على وضع نقطةٍ في ختامها، جعلت كل الكلام الذي قد يأتي بعدها سخيفاً وبلا معنى.
مما قاله بموته: "أنا ذاهب مع هذا الحبيب الذي أتيت به إلى عالم شرير أناني بلا ضمير.
سأذهب إلى جمهورية الأحياء وأترك لكم جمهورية الموتى!
تقولون إن من واجبات الجندي القتال والدفاع عن الوطن حتى الشهادة. حسناً. قام ابني بالواجب...
ولكن، لم يقل لي أحدكم لماذا من واجبات "علي" الاستبسال حتى الموت، فيما "علي بابا" يستمتع بما لذ وطاب في جمهورية الموتى جالساً على كرسيّ يقدسها حتى العبادة، غير آبه، لا بِعليّ، ولا بطوني، ولا بمعروف، ولا بعمر ولا بكل ما يمت إليهم بصلة؟
أمن واجباتنا تقديمُ أولادنا على مذبح الوطن؟ فليكن. ولكن تكريم شهداء الوطن لا يكون بدفنهم وحسب، بل بجعل استشهادهم معبراً إلى قيامة الوطن وتحويله من مغارة لصوص إلى منارةٍ تضيء طريق مستقبل هذا الوطن الجريح! وأنا، بكل أسف، أعرف أن استشهاد علي لن يغير فيكم شيئاً"!
هكذا تكلم أبو علي... ومشى.
وما بين "أبو علي" و"علي بابا"... الزمن طويل!