بيننا وبينكُم دَم! – بقلم: فاديا سمعان
فاديا سمعان – جبلنا ماغازين
لا أعتقد أن هناك بلداً في العالم فيه هذه الهوة السحقية بين الشعب والطبقة السياسية الحاكمة كما هو حاصل في لبنان. فما بين اللبناني والسلطة الممسكة بالبلد ومقدراته ومصيره يتعدى بكثير ما قامت به هذه الأخيرة بحقه، من حرمانه مدخراته وإفقاره وقطع الدواء والاستشفاء عنه وكل مظاهر التمدن من كهرباء وماء وطاقة على أنواعها وجعله يودع شبابه واحداً تلو آخر سعياً لمستقبل يعيش فيه بكرامة ويستطيع من خلاله مد عائلته في لبنان بنفحة أوكسيجين. فما بين اللبناني والطبقة التي تحكم البلد دم!!! وهذا وحده كفيل بجعله يراها عدواً فيكرهها أشد الكره ويتمنى لها كل سوء وينتظر أي فرصة للثأر منها وتدفيعها الثمن!
لذا، كل دعوات أهل الحكومة الجديدة إلى المواطنين لإعطائهم فرصة، وإلى الإعلاميين للتوقف عن الانتقاد أو "نشر التفاهات" - كما قال أحد الوزراء الجهابذة الجدد في أول "احتكاك" بينه وبين الصحافيين –، وإلى وسائل الإعلام للتمنع عن استقبال سياسيين يبشرون بجهنم التي - وقبل الجميع - بشرنا بها رئيس الجمهورية بـ"عضمة لسانه" وها هو اللبناني يحترق بنارها يومياً... كل هذه الدعوات مردودة ومرفوضة ولا أذن صاغية لها. فالدم الذي راح غدراً بانفجار مرفأ بيروت لا يمحوه تشكيل وزارة ولا دموع رئيسها ولا وعد وزرائها بـالأمل والعمل بل كلل!
هذا الشعب "الطز" – كما تراه الطبقة السياسية الفاجرة التي تحكمه والتي أتت الحكومة الجديدة على شاكلتها - سيبقى على كرهه لكم حتى تخرجوا من السلطة وتحاكَموا على كل ما قمتم به حتى وصلنا إلى انفجار 4 آب المشؤوم وما تلاه من ويلات حطت كلها على رؤوس اللبنانيين!
دم ضحايا انفجار المرفأ سيبقى حائلاً بين هذا الشعب وبين منحِكم أي فرصة جديدة. فلا تُتعبوا أنفسَكم تارةً بالوعيد والتهديد وطوراً بالوعود الفارغة التي لم تعد تنطلي حتى على الأطفال الذين حرموا من كل شيء... حتى الابتسامة!
أنتم الطز! أنتم القتلة! أنتم السارقون! أنتم المهربون! أنتم بائعو الوطن! أنتم من يتحمل مسؤولية التفجير والإفلاس والجوع والتهجير! مهما تغيّرت أسماؤكم ووجوهكم وشعارات حكوماتكم، ستبقى دماء بيروت بيننا وبينكم حتى تُقادوا إلى العدالة!
وأستعير ختاماً هذه الأبيات المعبرة من الشاعر المغربي عبد الرفيع جواهري:
"يا أيها الجناة...
بيننا وبينكم كتاب دم
لن نطويَه
حتى تجيء ساعة الحقيقة
وتنجلي ملامح الشيطان...
يا أيها الجناة
لا فكاك بيننا وبينكم
فلتعلموا آن الأوان
سنبقى في حلوقكم شوكاً
وغصةً مدى الزمان..."
*كاتبة المقال: فاديا سمعان