بقلم: بيار مارون، محلل ومحاضر في الشؤون الدولية (الولايات المتحدة)

اليوم أعلنت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان حكمها النهائي بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري التي حصلت في 14 شباط 2005. وكيفما أتى الحكم ونتائجه، فهو يبقى حكماً قضائياً شكلياً وللتاريخ فقط، إذ أن الجرائم السياسية يحاكمها الشعب وليس القضاء...

فجريمة 14 شباط 2005 حوكمت في الشارع اللبناني والدولي، وتأتت عنه النتائج التالية مجتمعةً: انتفض الشعب اللبناني وألّف ثورة وطنية سُميت بـ"ثورة الأرز" وعرفت سياسيًا بـ14 أذار... ودوليًا، أجبر المجتمعُ الدولي جيشَ الاحتلال السوري على الخروج من لبنان، واعترف الرئيس بشار الاسد باستقلالية لبنان عبر فتح سفارات بين البلدين... ولكن تحالف التيار العوني المسيحي (التيار الوطني الحر) مع حزب الله سنة 2006 أدى إلى تقسيم البلد عامودياً وأعطى زخماً لحزب إيران (حزب الله) في لبنان... هذا الأمر تكرر بعد حرب تموز 2006 وبعد اغتيال - أو محاولة اغتيال - 14 شخصية من سياسيين وأمنيين وإعلاميين ينتمون لخط 14 أذار، وبعد فراغ رئاسي، انتهت مفاعيل جريمة اغتيال الحريري وانتصر محور 8 أذار الإيراني على المحور الوطني عن طريق التسوية الرئاسية التي أوصلت عون الى بعبدا وأوصلت لبنان إلى العزل الإقليمي والدولي...

المهم إذاً، حكم بيروت الذي عبر عنه اللبنانيون في 14 أذار وليس الحكم القضائي الذي صدر في لاهاي (اليوم) في 18 آب.

نحن نقف اليوم امام جريمة تدمير بيروت التي هي أشنع وأفظع وأكبر من أية جريمة مضت. وعلينا التعامل مع الحدث الجليل بحكمة وشجاعة وعزم كي نحرر لبنان من كل مغتصب. فدعونا لا نكرر أخطاء جريمة 14 شباط مع جريمة 4 آب!

لا لربط الاستحقاقات الوطنية بالقرارات الدولية... لا للاتكال على المحققين الدوليين، ولا لانتظار نتائج تحقيقاتهم.

الجميع يعلم بأن المسؤوليْن عن الجريمة هما: السلطة بكامل مكوناتها وحزب الله بكامل امتداداته المحلية والاقليمية!

وحدة الصف باتت ضرورية. وحان الوقت لتأليف جبهة وطنية حاضنة للخط السيادي!

أصبحت الحاجة ملحة لتأليف قيادة جماعية للثورة لمواجهة التحديات ولنقل الحراك الشعبي إلى ثقل سياسي قادر على التفاعل مع التطورات وقادر على التواصل مع الشعب ومع المجتمع الدولي؛ وحان الوقت لتغيير السلطة، من الرأس إلى الأسفل!

آن أوان إخراج إيران من لبنان ونزع سلاح حزب الله، وآن أوان خلق سلطة جديدة قادرة على بناء وطن واحترام الدستور وتطوير القوانين!

يتوجب على المجتمع اللبناني الاستفادة من التطورات الاقليمية والدولية المناهضة لسياسات إيران المدمرة للشرق الأوسط وتلقف رسائل المجتمع الدولي واستعداده لمساعدة اللبنانيين على تحرير وطنهم من الاحتلال الايراني، الذي بات الحاكم الفعلي للبنان. وعلى الثوار التوحد والعمل للبنان الحرية والسيادة والاستقلال!

فلنسعَ اليوم إلى عودة الوطن إلى المواطن وعودة المواطن إلى الوطن! ولأجل تحقيق ذلك، يجب على الثورة أن تتعالى عن الأنانية والمصالح الشخصية. ولنتذكر أن الوطن للجميع والمواطن في خدمة الوطن!

(المقالات التي تنشر في جبلنا ماغازين لا تعبر بالضرورة عن رأي موقعنا بل عن موقف كتابها)

*بيار مارون- محلل ومحاضر في الشؤون الدولية (الولايات المتحدة)