أيها الجيل الجديد... ما تسمّعنا صوتك! ~بقلم: فاديا سمعان
كلمة لو سمحتوا – بقلم فاديا سمعان
عندما دخلت انتفاضة الشعب اللبناني ضد الفساد أسبوعها الثالث بدأت الصورة تتظهر وتتضح للعيان: إنه الجيل الجديد يثور علينا، ونحن المستهدفون! نحن جيل الأهل الذي عايش الحرب أو شارك فيها ثم استكان وارتضى أن يلتف بعباءة زعيم يمثله ويتحدث باسمه ويفكر ويقرر نيابة عنه وهو يكتفي بالمشاهدة وإطلاق عبارات الاستحسان والتصفيق ببلاهة.
نحن الجيل المستهدف لأننا قبلنا أن نورث أولادنا بلداً مثقلاً بالتراكمات من حروب وديون وسياسات مالية فاشلة وبيئة مسرطنة وأحزاباً طائفية ووجوهاً سياسية غير قابلة للتأقلم مع الحداثة.
نحن من يتحمل مسؤولية توريث هذا الجيل تعابير مثل "الاشتراك والموتور والخمسة أمبير والسيتيرن وبالدم بالروح نفديك يا زعيم" فيما نحن نودع أحباء يهاجرون أو يُقتلون بحوادث السير أو بالأمراض المستعصية - أو حتى ينتحرون - دون أن نعرف بأن مراهقين وطلاباً وطالبات غير متمرسين سوف يحتلون الشوارع يوماً، ليعرّونا ويحاكمونا ويرمونا خارجاً.
نحن الجيل المستهدف لأننا ارتضينا أن نكون أتباعاً لا قادة وظلالاً لا نوراً يقتدي به أولادنا ليشكرونا يوماً على ما أورثناهم.
نحن الجيل الفاعل وهم الجيل المفعول به، ولكنه جيل أقوى لأنه مسلح بكل التكنولوجيا ووسائل المعرفة والتواصل والاتصال التي لا نفقه منها سوى الـ"تويت" والـ"ستاتوس"، فنكتفي بكتابة بضع كلمات لنعتقد بأننا غيرنا العالم.
هم الجيل الأقوى لأن لا خطوط حمراً يعترفون بها. أنظروا إلى لباسهم وبناطيلهم الممزقة وانظروا إلى الألوان التي يمزجونها دون أي اعتبار للمقاييس التي لطالما تقيدنا بها! وراقبوا أحاديثهم مع أصحابهم الذين ينتمي كل منهم إلى بيئة ومنطقة وطائفة مختلفة، وانظروا كيف يتناقشون معاً في أمور كنا نعتقد أنها لا تعنيهم أو أنهم لا يفهمون بها، فباغتونا وانتصروا علينا!
هذا الجيل يصرخ فينا ليتهمنا بالسكوت على الفساد وبالضعف والخنوع والتبعية والطائفية وليصرخ في وجهنا "كفى تشويهاً لبلدنا وكفى رجوعاً به إلى الوراء وكفى ضعفاً وجبناً وبلاهة وكفى بكاءً على الأطلال وكفى تحميل الآخرين مسؤولية فشلكم! أعطيتمونا بلداً يحتضر ونحن سنقيمه من الموت لأننا قررنا أن نعيش ونعمل فيه عندما نتخرج وأن نكون أصحاب خياراتنا وأن نجعله أجمل بلد في العالم"!
إنه الجيل الجديد الذي قال كلمته فأبكانا وأشعرَنا بالخجل من أنفسنا حتى رحنا نبحث عن حفرة نخفي فيها رؤوسَنا كالنعامات الجبانة!
فليصمتْ هذا الجيل ولا يُسمعنا صوته المدوي صبحاً ومساء وليتركنا متخبطين في مكاننا وزماننا وأحلامنا المؤجلة ولا يجلِدنا مع كل صرخة تفعل فِعلَها فينا!
حَسَنتُنا - الوحيدة ربما - هي أننا زرعنا فيكم حبَّ هذا الوطن رغم كلّ ما فيه...
*كاتبة المقال: فاديا سمعان
اسمعوا صرخة هذه الشابة اللبنانية (في الفيديو التالي) من قلب الثورة!