في انتظار ناتاشا... --بقلم: بيار عقيقي
بيار عقيقي - جبلنا ماغازين
ننتظر... ولدنا لننتظر! هكذا نحن، وهكذا نفكّر! ليس لدينا شيء في الدنيا غير التفكير، وهو أمر عظيم بالنسبة الينا كلبنانيين... لكن بماذا نفكّر؟ نفكّر في كيفية عكس الأزمات والحلول الخارجية على الداخل، بدلاً من استنباط حلولنا الداخلية من دون الاهتمام بما يجري في الخارج. ولكن حتى نصل الى استنباط مثل تلك الحلول، فإن مصير أصغر موظّف نرغب في تعيينه في الدولة مرتبط بمصير جزيرة القرم وتوابعها.
من الضروري إدراك أن تحريك مدير دائرة عقارية من جونيه الى بيروت متّصل حتماً بما ستؤول اليه مفاوضات الصحراء الكبرى بين المغرب وجبهة البوليساريو. أما عن سلسلة الرتب والرواتب فعلى الشعب اللبناني معرفة أنها ملتصقة بارتفاع الضرائب أو انحفاضها في اليونان. وكي تعرف مصير أموال الضمان واحتمال اقفال المستشفيات، عليك البحث في مسألة تأييد الشعب الكوري الشمالي وبنسبة 100% الرئيس المفدّى كيم جونغ – أون، فلو انخفضت النسبة الى 99% فقط لحُلّت المشكلة الصحية برمّتها يا شعبي! وبينما تنتظر دوائر الأحوال الشخصية استفتاء الاستقلال الاسكوتلندي عن بريطانيا العظمى، فإن ملفات الزواج المدني تنتظر بدورها استقلال كيبيك عن كندا. ومن جهتها، تبقى مشكلة النقل العام والمواصلات متلاحمة مع قضية الأبوريجين، الشعب الأصلي لأستراليا، بينما تبدو مشكلة الاتصالات والانترنت متأهبة لأي طارئ يصيب روبرت موغابي في زيمبابوي! ولا يفوتك يا شعبي أن تعلم أن الاستراتيجية الدفاعية وحياد لبنان والدستور اللبناني وإعلان بعبدا وثلاثية الشعب والجيش والمقاومة وصيرورة المواطنين مقاومين، كلّها عناصر تُعتبر متمازجة مع الحلّ غير المعروف لمشكلة الصين مع التيبت!
هكذا ننتظر، لا نودّ التسليم بأننا نملك عقلاً في وسعنا استعماله لصياغة حلول تشبهنا كلبنانيين، بل نريد دوماً الالتصاق بالخارج. نرفض اعتبار ذاتنا أشخاصاً لهم الحق في تقرير مصير وطنهم كما يريدون هم، لا كما يريد صنّاع القرار، وندّعي الضعف والخنوع كل حين لتبرير عدم تحرّكنا وانتظاراتنا.
حسناً... وماذا ننتظر من شعب يعرف أن في أوكرانيا أزمة كبيرة ولا يجد ما يصفها به سوى وضع صورة لحسناء من كييف على وسائل التواصل الاجتماعي مغنياً لها "الحرية تليق بك يا ناتاشا"؟
لا شيء... فقط ننتظر!