وطني المسروق... أنا هنا! --بقلم: أمل عربي
أمل عربي - جبلنا ماغازين
ويحدثونك عن الوطن...عن أي وطن يتكلمون، بربّك؟ وبأي وطن يتباهون؟
قالوا إنه ملاذنا وانتماؤنا... قالوا فيه الشعر والحياة والأمل، وعنه الراحة والحنين والأمان... أهذا هو الوطن؟
أنا لم أعرف إلا أنه سرق أحلامنا وطموحاتنا وهجرنا وأبعدنا قسوة وانتحارا...
أنا لم أسمع عنه إلا سرقات وإغتيالات وقتل وحروب...
أنا لم أرَ فيه إلا أبطالاً في قبور ولصوصاً في قصور، وأغنياء على ذل الفقراء يغتنون، وحكاماً على جثث الناس يرقصون، ونواباً لا يتغيرون، ووزراءَ في مواضيع الإنشاء يتنافسون... وبعد الموت يظلون يبتلعون... وبالدين يقتلون ويكفرون... وغباء بالجملة، وقطعاناً يسيرون... ومثقفين يثورون، يقومون ثم يحطّون، وعبثا يتكلمون...
لبنان، باسم الله شوهوه... باسم الحب قتلوه!
أنا لم أعرف إلا لبنانَ بلا كهرباء وبلا مياه وبلا دولة... أخبارنا طقس ماطر أغرق البلاد وإعلام على هرج ومرج... فنانات وعاهرات ومسلسلات بلا معنى لا مغزى. أنا عرفت شهداء وشجوناً وأحزاناً وشجعاناً يُغتالون. أنا رأيت وهماً صدّقناه أسموه حرية... جعلناه "حرية كارثية"، ورأيت شعارات جديدة وهتافات جديدة وبألوان قاتمة وبهزائم جديدة.
أنا رأيت مدارس لا تدرّس، وجامعات لا تجمع... رأيت متاريسَ وطوائفَ وأسلحةً وأبناءَ وطن واحد يَنهش بعضُهم بعضاً... والجميع يتفرجون والأمم تضحك.
رأيت الإنسان هنا يرخص ويعلو كل شيء عداه ويموت، فيُنسى أسرع من الموت... رأيت العرّافين يتسلّلون إلى بيوتنا ليحيكوا لنا قدراً أو ربما وطناً ما...
رأيت أدياناً تعلم كلّ شيء إلا المحبة... ورأيت وطناً متكرراً في الأغاني والمناسبات الحزينة...
هذا ما رأيته!
غرباء نحن في وطننا... حتى وجودنا سرقوه واحتكروه!
أتعرفون ما هو الوطن؟؟؟
الوطن يا أصدقاء ألا يحدث لنا كل هذا... الوطن أن يحتاجنا لا أن نحتاجه... الوطن أن يبكينا لا أن نبكيه، وأن ينتمي إلينا لا أن ننتمي إليه... أن يشهدَ بنا لا أن نشهدَ به، أن يضمّنا بعد الموت لا أن نضمّه ميتاً!
إعذروني يا أصدقاء، إني لأفتقد وطناً...