ليس وقت المواقف “اللّقيطة”! ~بقلم: فاديا سمعان
فاديا سمعان – جبلنا ماغازين
منذ الاستقالة التي أعلنها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري من المملكة العربية السعودية، نتلقى كلبنانيين كل يوم "خبرية" جديدة ترتبط بأوضاع الرئيس المستقيل وما يجري بشأن لبنان في العواصم العربية ودول القرار.
أسميها "خبريات" لأنها تصدر عن أشخاص ارتأوا أن يبقوا مجهولي الهوية، يقومون بنشر وتوزيع أخبار وتصريحات ومواقف "لقيطة" على وكالات الأنباء ووسائل الإعلام، يتصف معظمها بـ"الشائعة" حتى لو كان فيها شيء من الحقيقة. ولماذا هذه التسمية؟ لأنها بكل بساطة أخبار وتصريحات غير معروفة الأب.
وهذه "الحقائق" - أو "الشائعات" - التي ينشرها أصحابها من خلف الحيطان تأتي لتصب الزيت على النار ولا تؤدي إلّا إلى زيادة منسوب القلق والخوف لدى المواطن اللبناني – مقيماً كان أم مغترباً أم عاملاً في أية دولة خليجية معنية بالمستجدات الأخيرة.
عليه، نتأمل من كل "مسؤول" لبناني في هذه المرحلة الدقيقة أن يكون فعلاً وقولاً بمستوى المسؤولية التي ارتضى أن يتحملها حين اختار أن يسلك طريق العمل السياسي، إنْ كان في النيابة أو الوزارة أو العمل الحزبي أو أي مركز مشابه، وأن يتخلى كلياً عن اللجوء إلى اعتماد صيغة "المصدر" عندما يود أن يكشف سراً أو يعلن موقفاً من أي حدث مرتبط بلبنان وواقعه ومستقبله وما يُطبخ في شأنه... وليكن "المسؤول" الذي يتقاضى آلاف الدولارات شهرياً من جيوب دافعي الضرائب من الشعب اللبناني "على قدّ الحمل" فيتكلم جهاراً بما يقوله وهو مختبئ خلف صيغة "المصدر". وإلا، فليصمت ويترك الكلام لمن هو قادر على تحمل مسؤولية أقواله وأفعاله.
أليس هؤلاء المسؤولون هم من يردد - كلما سقط شهيد للجيش - أن هذا الجندي كان يعلم أنه قد يتحول شهيداً يوماً ما في سبيل الوطن إذا ما دعت الحاجة؟ علماً أن هذا الجندي يتقاضى فتافيت ما يتقاضاه أولئك المسؤولون...؟
"على قدر أهل العزم تأتي العزائم" يا أهل السياسة والقرار. فاشحذوا عزيمتكم واخرجوا من خلف الحيطان وغيّروا هذا التعاطي غير المسؤول مع مواطنيكم في أيام الأزمات، ودعونا نعرف عنما تقولون شيئاً أنكم أنتم من قلتموه، عندها نستطيع أن نحكم على الأقوال ونبني استنتاجاتنا مستندين إلى مدى ثقتنا بالقائل، لا بمدى رغبتنا في تصديق الكلام المنشور. لذلك، فأيّ كلام تودون قوله يجب أن يصدر بلسانكم وبتوقيعكم الرسمي، وإلا فهو يعتبر فارغ المضمون ومساهمة في بث وترويج شائعات من شأنها - في أي لحظة - أن توقد حرباً أهلية، وتعيد لبنان إلى العصور المتخلفة.