أتلانتيس موجودة... دولتنا مفقودة! - بقلم: بيار عقيقي
بقلم: بيار عقيقي - جبلنا ماغازين
يُقال إن هناك مدينة (أو قارة بحسب بعض المراجع) ضائعة، تائهة، في قعر محيط مجهول، نحتاج الى قرون لسبره... مدينة تُدعى "أتلانتيس"، حيكت حولها الأساطير والألغاز... مدينة مفقودة، ستبقى تُشعل مخيّلة الشعوب والأمم طالما بقيت على قيد الحياة.
تلك المدينة التي تحدث عنها أفلاطون منذ عصور خلت، والتي كشف معظم العلماء أنها موجودة على السواحل الغربية للبحر الأبيض المتوسط، ليست وحدها مفقودة. فعلى المقلب الشرقي للبحر عينه، هناك بلد جبليّ الطابع، كل شيء فيه يُعتبر ساحراً ومجيداً وموجوداً، غير أن أمراً واحداً يبقى مفقوداً فيه، وهو: الدولة!
الدولة سيداتي سادتي هي كل ما ينقص لبنان فقط. ليست زحمة السير أو غياب الرعاية الصحية أو الفلتان الأمني أو الفراغ السياسي أو الغذاء الفاسد أو المدارس – الشركات سوى جزء من غياب دولة.
ليست الصفقات والسمسرات والطرق المعبّدة عشرات المرات في الفصل الواحد والمخالفات وإخراج مساجين – محاسيب من السجون سوى جزء من غياب دولة.
ليس شراء الإعلام وضمائر الناس وسرقة الناس وتطييف الناس ومذهبة الخلافات السياسية سوى جزء من غياب دولة.
ليس انتشار أمراء الحروب وزعماء الإقطاع ورجال المال ورجال الدين في كل زواريب السلطة من أعلاها الى أدناها، سوى جزء من غياب الدولة.
انظروا فقط الى مواقعهم، هم هم، يزينّون
الشاشات والصحف والمواقع الالكترونية... يتسامرون ويضحكون. وحين نسأل، يردّون
ببراءة الأطفال: "وين الدولة"؟
هم يسألون عن الدولة! هم أيضاً يسألون عنها! هم موجودون في مواقعهم للسؤال عن دولة
مفقودة... يا للعار!
للحظة ظننت أننا نظلمهم...
ربما قد يعود الأمر إلينا - كشعب - لفعل الكثير وفعلِ ما لم يفعله الآباء والأجداد.. لكننا نرفض، لأننا راضون عما نشعر به وراضون عن مشاركتنا في الجريمة... فنحن قومٌ إذا ضُربنا، طالبنا بالمزيد... ويومَ نتعلّم أن نقولَ "لا"، ننجح في استعادة ما فُقد منّا... حتى أنه يُمكن القول إن في وسعنا استعادة مفقوداتنا لو طالبنا بها. أليس كذلك؟ فكيف بدولةٍ بأمها وأبيها؟ ذلك لأنه إذا تمكّن العلماء بعد آلاف السنين من اكتشاف موقع "أتلانتيس" تحت المياه، فإننا سننتظر مجيء آخرين، لاكتشاف دولة مفقودة على اليابسة... هذا اذا اكتُشفت!