وات إز ليبانون؟ - بقلم: فاديا سمعان
فاديا سمعان – جبلنا ماغازين
كغيري من اللبنانيين المغتربين المنتشرين في هذا العالم الكبير، أقف وجهاً لوجه من وقت لآخر مع جاهلٍ حامل شهادات أجنبي لم يسمع ببلد الأرز قط... فمرة جديدة منذ أيام، استفزني مواطن أميركي يعمل في محل إلكترونيات عندما سألني : من أي بلد أنت؟ فأجبته: من لبنان.... فسألني: لبنان؟ ما هو لبنان؟ هل هو بلد؟
وكعادتي في موقف من هذا النوع، أول جواب خطر في بالي هو أن أعاجله ب "كفّين من كعب الدست" وأصرخ في وجهه بأن يعود إلى مقاعد الدراسة أو على الأقل أن يستفيد من خبرته في الإلكترونيات ليبحث في الإنترنت ويتعرف على لبنان... ولكنني عدّيت إلى العشرة وكررت على مسامعه المحاضرة التثقيفية الترويجية نفسها عن بلدي الأم، ولم أخرج من المحل إلا وقد أقنعته بأن لبنان "قطعة سما"... وعليه أن يزوره في أقرب فرصة ممكنة.
وعندما خرجت من المحل، بدأت أفكر في تلك المحادثة وأنا أبتسم وأشعر بفخر كبير بقدراتي الكلامية التي دائماً تنهي مواقف كهذه لصالحي ... إلا أنني بعد لحظات بدأت أشعر بالخجل من نفسي وأنا أفكر بأن ذلك الأجنبي طرح سؤالاً محقاً: هل لبنان بلد؟ وتساءلت: ماذا لو أجبته: معك حق في هذا السؤال، فلبنان ليس بلداً وحسب، بل هو مجموعة بلدان في بلد، كل بلد منها "فاتح" بلد على حسابه؟
ماذا لو قلت لذلك الأجنبي: هل رأيتَ كيف أقفلت الدوائر الحكومية الأميركية أبوابها لأيام عدة بسبب عدم التوافق السياسي لتغطية التصويت على الموازنة؟ لبنان يعيش هذا الإقفال بشكل متكرر يا صديقي... لماذا؟ لأن مصلحة البلد ككل ومصلحة المواطنين ليست هي الأساس، بل إن المواطن في ذلك البلد -المجموعة بلدان في بلد- ليس إلا صوتاً يسقط كل أربع او خمس سنوات في الصندوق نفسه حاملاً الأسماء نفسها التي لا يساوي في نظرها أكثر من صوت في صندوق!
وماذا لو قلت لذلك الأجنبي: في لبنان، لم تحصل الانتخابات النيابية في موعدها الذي كان مقرراً هذا العام بسبب عدم التوافق على قانون انتخابي يرضي جميع الأطراف السياسية والحزبية والطائفية... ولا موعد جديداً محدداً لها بعد! وعندنا في لبنان، استقالت حكومة وجرى تكليف رئيس جديد بتشكيل أخرى، ولكنْ لم يتوافقوا منذ شهور على أسماء جديدة لتولي حقائب الوزارات... ليس هذا فقط، بل أنهم لم يتوافقوا بعد حتى على شكلها!
وماذا لو قلت له أيضاً: في لبنان، نتغنى بالديمقراطية وبحرية الرأي والتعبير... وقد يتسنى للمواطن أن يقول ما لديه ويطالب بحقوقه وينتقد المسؤولين... ولكن لا أحد يعير أهمية لصراخه، فيستحي ويسكت لئلا يُنظر إليه كالكلب الذي يعوي فيما القافلة تسير!
وماذا لو أخبرت ذلك الأجنبي أيضاً عن وجود مجموعة مسلحة في بلدي تحتكر حمل السلاح غير الشرعي وتحتكر قرار الحرب والسلم، ومجموعات تحمي من تحميه من سيف العدالة وترضي من ترضيه خارج حدود البلد والمنطق والأعراف... ولا أحد يستطيع تغيير هذا الواقع لأن ذلك "الأحد" يكفيه ما هو فيه!
وماذا لو أخبرته عن الوساطات والمحسوبيات والفساد والفلتان الأمني وحالات الخطف وقطع الطرق والأرزاق وإحراق الدواليب وقضم الجبال..... وكل ما يجري على أرض بلد الأرز من مصائب وويلات لا حول للمواطن ولا قوة له على التصدي لها!
ربما كان عليّ أن أجيب ذلك الأميركي بالقول: أحسدك يا صديقي إذا كنتَ لا تعرف شيئاً عن لبنان... روح اشكر الله وعيش بهالنعمة!