حكومة؟ لأ، تفضّل عَ الأكل! بقلم: بيار عقيقي
بيار عقيقي - جبلنا ماغازين
يتعازمون ويتناولون الطعام بشغف لساعات، يتخللها رقصُ أقداحِ النبيذ فوق الطاولات...
المأدبة غالية والبطون جائعة، والطبقة السياسية لا يُشبعها سوى المزيد من الطعام...
هم هم الذين يدلفون الى دارة واحدهم، يضحكون ويرقصون ويغنون ويأكلون والنور يُملئ المكان ببهاء قلّ نظيره... وفي الخارج، حكومةٌ لم تولد، وشعبٌ لبنانيّ يعيش من ندرة الموت، وشعبٌ سوريّ يهرب من كارثته.
وهم... ما أحلاهم! يمررون خبراً في وسائل الاعلام بأنهم "عقدوا خلوة".
ربّاه! عقدوا خلوة لربع ساعة لمعالجة وضع حكومةٍ لم تعرف طريقَ التشكيل. علماً أن ربع ساعة لا تكفي لمعالجة إشكالٍ على موقف سيارة في مبنى صغير في قرية نائية، فكيف بالحكومة؟
"لبنان بلد الضيافة"... والنِّعم! فقد باتت مآدب الطبقة السياسية ومن لفّ لفيفها في هذا البلد أكثرَ سخاءً، وربما إجراماً، من قصر فرساي أيام ملكيةٍ فرنسية مهدورة. وقتها لم يصمت الشعب، وتمكن في سانحةٍ ما من إطاحة الحكم الملَكي، مكرّساً الثورة الفرنسية كحلم ليلة صيف باتت حقيقة أكيدة..
وفي الحقيقة، إن مجرّد ذكر عبارة "أولم فلان على شرف فليتان"، هو أكبر إهانة لذكائنا البشري، وأكبر دلالة على أن علامات الخضوع في وطن يفتخر بكونه منارةً مشرقية، أقوى بكثير من علامات الحرية.
تتعدّد ولائم الغداء والعشاء والإفطار والعصرونية ووقت الشاي، وتتعدّد معه أوجاعُ الشعب اللبناني، الذي لم يستوعب ما اذا كانت تلك الولائم والمآدب تُشبعُه، وتشبعُ حقوقَ المواطنية المهدورة أو لا... أما هم، أبطالنا الأشاوس، فلن يرتدعوا، بل سينتقلون من دارة الى أخرى، ومن قصر الى آخر، لمزيد من الطعام ولمزيد من الشرب ولمزيد من الخلوات، في انتظار القرارات الإقليمية أو الدولية لتحريك مسارٍ داخلي، من الحكومة الى النفط.
وفي هذا الوقت، يبقى هذا الشعب، الذي أضنته الأيام وارتمى منه مَن ارتمى في أحضانِ بحرٍ هائج في أندونيسيا أو قبالة المستشفيات والمدارس من دون دولة ترعاه ولا حقّ مواطنية شرعي لكل مواطن.
بالأمس القريب، توفّي طفل على باب مستشفى في طرابلس... كان يُمكن توفير بضع دولارات من ثمن أي عشاء من أجل تأمين مستلزمات طبية لشعب يموت ببطء، لكن ما همّهم... ألا يأكلون؟؟!