كارلوس غصن.. اللبناني الذي أدهش العالم
هو المدير التنفيذي "الراهب" كما يصف نفسه. يدير ثلاث من أهم الشركات في العالم لصناعة السيارات: الشركة اليابانية "نيسان"، الشركة الفرنسية "رونو"، والشركة الروسية "أوتوفاز"، فمردودُها لهذا العام تخطّى الـ140 مليار دولار. لكنه يظلّ إنساناً متواضعاً: إنه اللبناني كارلوس غصن.
كيف يدير غصن ثلاث شركات عملاقة معاً؟
يشرح غصن في المقابلة التي أجراها موقع التواصل المهني "لينكد إين" معه أن نمط حياته جعله كالراهب، "فكل شيء منظّم ويتم التحضير له وتُبعَث الرسائل بشأنه مسبقاً" يجيب رئيسَ التحرير التنفيذي دانييل روث. ويضيف أنه يفصل في إدارته بين الشركات الثلاث ما انعكس إيجاباً على جودة العمل فيها، قائلاً إنه يبدأ العمل من منطلق تواجده، فإذا كان في اليابان يتّخذ القرارات بشأن "نيسان"، وإذا كان في باريس، قراراته تخصّ "رونو"، ولا يدير أي أمر لا يتعلق بـ"أوتوفاز" إذا ما تواجد في روسيا.
يشرح غصن أنه لا يخلط بين المسؤوليات
المختلفة بين الشركات، لأنه يريد أن يُشعر الموظّفين وطاقم العمل والمسؤولين في
الشركات بالمسوؤلية، ويبغي إبعاد أي فوضى قد يشعرون بها. ويجيب روث عند سؤاله عن
قدرته على تقسيم وقته وإدارته لشركات ثلاث عملاقة كهذه، أنه يعتمد الكثير من
البراغماتية، وينطلق من بعض القواعد الأولية، ويعوّل على أشخاصٍ كفوئين يشكّلون
فرق العمل معه، وهذا ما يجعل الأمر يتحقق بانسيابية.
ويؤكد أن هذا العمل لا يلائم الحالمين
والأشخاص المعتمدين على الخيال: "فمن يريد عالماً خيالياً ويظلّ يحلم، لن
ينجح في العمل".
نعم للنقاش
وما يميّز طريقة عمل غصن هو أنه يشجع النقاش في "نيسان" و"رونو" و"أوتوفاز" على السواء، بما أن الأمر يؤدي إلى اتخاذ قراراتٍ أفضل، على حدّ قوله. إذ يشير إلى أن مجتمعاتٍ كالمجتمع الياباني والمجتمع الفرنسي والمجتمع الروسي هي منظّمة ومنضبطة، خلافاً للمجتمعات اللاتينية. وهو يدعو كل فريق عمل للنقاش وطرح الأمور التي تزعجه أو التي يرى أنه ستشكّل مشكلة لاحقاً. فالقرار الذي يبنيه قد لا يكون الأسلم، ولكن لا أحد يشير إلى الأمر، ويظلّ المجتمع منضبطاً حتى لو النتيجة ستكون سيئة. وهذا يحتّم نقاشاً أكبر مهما سبّب الأمر من توتّرٍ في العمل. وعندما ينتهي النقاش ويُتّخَذ القرار، ينتقل غصن لإدارة الشركة الأخرى.
لمحة سريعة عن غصن
وُلِدَ كارلوس غصن في بورتو فيلو في البرازيل في 9 آذار 1954. هو من أصول لبنانية، بما أن جدّه بشارة غصن هاجر من لبنان إلى البرازيل. عاد غصن مع والدته وشقيقته إلى لبنان عام 1960 وأنهى تحصيله العلمي الثانوي في مدرسة سيدة الجمهور. أكمل دراسته في الأقسام التحضيرية للمدارس العليا بباريس، ثمّ حصل على شهادتَين في الهندسة من المدرسة المتعددة التكنولوجية ومن المدرسة الوطنية العليا للمناجم في باريس.
بعد تخرّجه عام 1978، أمضى غصن 18 عاماً في شركة "ميشلان" الفرنسية لصناعة الإطارات المطاطية، قبل أن ينتقل إلى "رونو" عام 1996 كنائب رئيس الشركة. وبعد التحالف بين "رونو" و"نيسان" في آذار 1999، أصبح غصن رئيس العمليات التنفيذي في "نيسان" في حزيران من العام نفسه، ثمّ أصبح رئيس الشركة في حزيران من العام التالي، والرئيس التنفيذي في العام التالي (عام 2001).
وفي أيار 2005، عُيّن غصن رئيساً لـ"رونو" والرئيس التنفيذي فيها أيضاً. ثم عُيّن غصن رئيساً لمجلس إدارة "نيسان" و"رونو"، في 2008 و2009. أما في حزيران 2012، فتسلّم غصن مهام نائب رئيس مجلس إدارة شركة "أوتوفاز"، ليصبح بعد عام رئيس مجلس إدارتها أيضاً.
*المصدر: جريدة النهار