المخرج خليل زعرور لـ”جبلنا ماغازين”: لا أبدّل لبنان بأي بلد آخر و”نور” هديتي له
كاتيا سعد – باريس (خاص جبلنا ماغازين)
تعرّفتُ إليه من خلال فيلمه الأخير "نور"، الذي يعالج موضوع زواج القاصرات في لبنان، والذي يجول في بعض صالات السينما في فرنسا. حينها لم أكن أدرك بأنّه أكبر من مجرّد فيلم لمخرج لبناني، بل هو الفيلم الذي حقّق حلم مخرجه خليل دريفوس زعرور. الحلم الذي بدأ منذ 27 سنة. يقول: "كنت مراهقاً في عمر الـ15 سنة عندما بدأت أحلم بأن أنجز فيلماً سينمائياً يُعرض في دور السينما في لبنان والخارج ويجول المهرجانات وأشاهده مع الجمهور وأراقب ردّة فعلهم". ويكفي أن تنظر إلى بريق عينيه وهو يبدأ الحديث عن مشواره لتُدرك شغفه بهذا العالم الذي يعتبره "وسيلة حياة أكثر من كونه مهنة".
فكيف لا تكون، وقد تشبّع من السينما منذ الصغر؟ فهو كان يشاهد يومياً السينمات بعدما انتقل وأهله من منزلهم في إدّه في قضاء جبيل إلى منطقة مار ميخائيل في بيروت، ويقول: "كانت بيروت سبباً في حبّي للسينما". ولاقى خليل الدعم من والديه، خاصة من والده "دريفوس" الذي توفي عام 2016 "ولم يتسنّى له مشاهدة الفيلم".
بعد تخرّجه من المدرسة، تخصّص خليل في الإخراج في الجامعة اللبنانية الأميركية LAU، وتابع دراساته العليا في الإخراج السينمائي بشكل خاص في جامعة الروح القدس – الكسليك USEK، بالإضافة إلى مشاركته في العديد من الدورات في الخارج. ولكن السفر كان دائماً في خدمة المهنة ولم تستهوه الهجرة أبداً. وهنا يقول: "أنا لا أنتظر أيّ شيء من لبنان، بل أريد أن أقدّم له شيئاً. وأعتبر بأنّني من خلال فيلم "نور" تقدّمت بخطوة إلى الأمام". ويضيف: "أفتخر ببلدي لبنان الذي، على الرغم من مشاكله، أراه أفضل بلد في العالم ولا أبدّله بأيّ بلد آخر".
تأثّر خليل بتلك المشاكل، وبخاصة الاجتماعية منها، وجسّدها في سيناريوهات أفلامه، فالـ "الإخراج السينمائي هو التأثّر بالقصّة ونقلها بصورة واقعية وجعل الجمهور يتأثّر بها من خلال اختيار الشخصية المناسبة والتي تحمل المصداقية حتى يقتنع المشاهد بها". وهذا ما حقّقه خليل زعرور في كل عمل قام بإنجازه وحصد عليه العديد من الجوائز في مهرجانات دولية، بدءاً بفيلمه القصير الأوّل "الشباك" (عام 2006) الذي اعتبره "جواز سفره إلى عالم السينما"؛ ثمّ "ملاكي" (عام 2011) الذي "حرّك ولو بخطوة صغيرة قضية المفقودين. وأصبح هناك قانون يسمح لأهالي المفقودين بمعرفة مصير المفقود من دون محاكمة أحد"؛ وصولاً إلى فيلمه "نور" (عام 2017 في لبنان و2019 في فرنسا)، وشاركته كتابة السيناريو إليسا أيوب.
ويحكي فيلم "نور" قصة فتاة مراهقة (15 سنة) تحب الحياة ولا تستسلم بسهولة، فرحت والدتها بأن عريساً ميسوراً تقدّم للزواج بها غير آبهة بفرق العمر الكبير، إلاّ أنّ هذا الزواج حرمها أن تعيش مراهقتها وتتابع تحصيلها العلمي.
ويقول خليل: "عملت على الفيلم لمدة 3 سنوات بسبب العوائق المادية. ولكن لم أستسلم". وهنا يشير إلى أنّ المخرج اللبناني - كما في معظم دول العالم - يعاني من مشاكل في الإنتاج والتوزيع، ولكن "هذا لا يمنع بأنّ ثمّة من يقاتل دائماً من أجل العمل على أفلام سينمائية". ويضيف: "فليتوقّف البعض عن التذمّر بأنه ما من إنتاج وما من دولة... فلا أحد يحقّق حلمك سوى نفسك".
خليل زعرور يؤمن بأنّ "الحلم لا يموت، بل ينمو بالاجتهاد والتعب والقليل من الحظّ". وعليه، عقد عزمه على الإتيان دائماً "بأفلام تفرح الجمهور". ويتمنى أن يتمكّن من إنجاز أفلامه دائماً في لبنان "وانشالله لا أضطرّ للهجرة". فعسى أنّ يحقّق له لبنان حلمه هذا...