تعرفوا على أندريه صايغ ابن النجار وسائقة الباص الذي أصبح رئيس بلدية باترسون في نيوجيرسي
فاديا سمعان - خاص جبلنا ماغازين
حكاية رئيس البلدية الجديد لمدينة باترسون في ولاية نيوجيرسي الأميركية، اللبناني الأصل أندريه صايغ، تشبه كثيراً من الحكايات التي نسمع بها في عالم الانتشار عن لبنانيين عصاميين بنوا أنفسهم بأنفسهم دون أن يأتوا من عائلة ثرية أو مرتبطة بالسياسة أو غير ذلك من العوامل المساعدة على النجاح. فابن الرابعة والأربعين عاماً انتخب منذ أيار الماضي أول رئيس بلدية من أصول عربية لإحدى أكبر مدن نيوجيرسي آتياً من عائلة تنتمي إلى الطبقة العاملة، حيث أن والده المهاجر الآتي من العاصمة اللبنانية بيروت كان نجاراً ووالدته (وأصولها سورية من مدينة حلب) كانت تعمل سائقة باص مدرسي.
يقول صايغ في مقابلة أجرتها معه "جبلنا ماغازين" في مكتبه بالمبنى البلدي في باترسون: "للأسف، تخلى والدي عن والدتي عندما كنت في الثامنة من عمري وأخي في السادسة؛ فربتنا أمي وحيدة متخطية كل المصاعب وزرعت فينا القيم وعلمتني أن لا أستسلم. والآن أنا أطبق ما تعلمته منها". ويضيف: "أنا شديد الفخر بأصولي اللبنانية وكانت مناسبة عيد استقلال لبنان الـ75 في تشرين الأول الماضي يوماً كبيراً بالنسبة لي ولباترسون حيث قمنا برفع العلم اللبناني أمام مبنى المجلس البلدي لأول مرة في تاريخ المدينة، علماً أن عدد اللبنانيين هنا قليل جداً مقارنة مع باقي أبناء الجاليات العربية، حيث تعتبر الجالية الفلسطينية هي الأكبر حالياً".
رغم أنه لم يمض على وجوده في منصبه سوى ستة أشهر، تمكن صايغ من إنجاز الكثير من المشاريع في مدينته التي يعرف إمكاناتها ونقاط ضعفها وثرواتها الطبيعية جيداً. يقول: " لقد انتخبت بسبب رسالتي الوحدوية والمشاريع البناءة التي أريد أن أطبقها في المدينة والتي كان سبق أن أثرتها عندما كنت أمارس مهامي كعضو في المجلس البلدي قبل الانتخابات الأخيرة. كانت لدينا مشاكل مع بعض محلات بيع المشروبات الكحولية، فأقفلناها؛ وعندما افتتحنا بدلاً منها أفراناً ودور حضانة، بدأنا نرى الأجواء تتحسن. وهذا هو الشعار الذي حملته للمدينة: جعلها أكثر أمناً وأكثر قوة".
ويضيف صايغ: "ركزت على الشلالات الموجودة في باترسون Paterson Great Falls فأطلقنا مشروع أعادة تأهيل الحديقة المحيطة بها وموقف السيارات ومسارات المشي للاستمتاع برؤية الشلالات من كافة جوانبها، ونتطلع إلى إقامة شقق سكنية ومحلات تجارية وفنادق في منطقة الشلال، كما أسعى لتفعيل محطة القطار وإقامة مستشفى وغير ذلك من مشاريع من شأنها تشجيع أبناء المدينة للسكن فيها بدل انتقالهم إلى المدن الكبرى المجاورة"، ويقصد بذلك مدينتي نوورك Newark ونيويورك اللتين لا تبعدان سوى أميال قليلة عن باترسون.
منذ صغره، كان حلم أندريه صايغ أن يتولى منصباً يخدم من خلاله المجتمع ويحقق من خلاله الكثير من الأحلام التي تراوده عن مدينته. تأثر بألكسندر هاملتون، وهو أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة وباني مدينة باترسون. يحمل بيده تمثالاً مصغراً لهاملتون موجوداً على مكتبه، ويشير به إلى صورة الشلال الكبيرة وراء المكتب، ويقول: "في تموز من العام 1778 عندما كان هاملتون وزيراً للمالية في أول حكومة أميركية على عهد جورج واشنطن، كان في نزهة عند هذه الشلالات، فنظر إليها وقال: سأستعمل هذه المياه لإنشاء محطة طاقة كهرومائية وأنشئ هنا مدينة تقوم على الصناعة، فنبني المصانع ونخلق فرص عمل ونجذب المهاجرين".
وأضاف صايغ: "سيرى الجميع أن باترسون ستصبح مدينة عظيمة في وقت قريب. وسأفشي بسر لأول مرة عبر موقعكم أن المخرج ستيفن سبيلبرغ سيأتي إلى هنا الصيف المقبل لتصوير فيلمه الجديد West Side Story (remake)، وهذا مؤشر آخر على أن باترسون تسير نحو التقدم".
لا يجيد صايغ التحدث باللغة العربية بطلاقة، رغم أنه يفهم بعض التعابير ولم يزر في حياته لبنان أو أية دولة عربية أخرى، ولكنه يعرف الكثير عن الأميركيين اللبنانيي الأصل الذين تركوا بصماتهم ولا يزالون في عالم السياسة والمجالات العلمية والإنسانية والفنية والاجتماعية في الولايات المتحدة، ويعدد لـ"جبلنا ماغازين" أسماء بعض هذه الشخصيات، مختتماً بالقول: "نعم، يجوز لنا أن نفتخر بمثل هؤلاء وبجذورنا التي جعلت منا ما نحن عليه اليوم".