نستور الحاج: توت توت... من روزاريو لبيروت
تحقيق: فاديا سمعان - جبلنا ماغازين
هو أحد الجنود
المجهولين الذين يعملون بصمت في دول الاغتراب على تعبيد جسر عودة الغيّاب إلى
لبنان، أو على الأقل لإعادة وصل ما انقطع من علاقة بين المغترب اللبناني وأرض
والديه وأجداده.
إنه نستور (Nestor)الحاج... ولد في الأرجنتين عام 1961 لوالديْن
لبنانيين من بلدة رميش الجنوبية. والده، ابراهيم حليم الحاج، ربّاه على حبّ لبنان أرضاً
وشعباً وتراثاً منذ الولادة... إلا أن لبنان لم يعنِ لنستور الأرجنتيني في حينه أكثر
من كونه أرض الأجداد... لكن كل هذا تغيّر حين زاره للمرة الأولى عام 1986.
يقول نستور الحاج
ل"جبلنا ماغازين": عندما زرت لبنان للمرة الأولى في ذلك العام، وقعت في
حبّ هذا البلد. وما إن عدت إلى الأرجنتين، بدأت بالعمل على الموضوع اللبناني،
وبجدية.
نستور الحاج هو الآن رئيس الجمعية اللبنانية في روزاريو – سانتا فيه في الأرجنتين،
وهو أيضاً رئيس فرع الأرجنتين في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم. ولقد ألّف
عام 1988 أول فرقة دبكة لبنانية في الأرجنتين تحت اسم "فرقة الأرز" ولا
تزال الفرقة ناشطة حتى اليوم حيث تضم 500 راقص ومتدرب. كما أصبح الحاج يدرّس اللغة
العربية المحكية باللهجة اللبنانية التي يتقنها جيداً، فيما لم يتعلم الكتابة
بالعربية بعد.
منذ أعوام عدة،
بدأ نستور الحاج بتجييش أبناء الجالية اللبنانية والمتحدرين من أصول لبنانية في
الأرجنتين لزيارة بلد الأرز وهو يرافق كل سنة وفوداً إلى لبنان تشمل أشخاصاً لم يكونوا
يفكرون في يوم من الأيام بالزيارة، وبعض هؤلاء متقدمون في السنّ ولم يروا لبنان في
حياتهم... وها هم يذهبون إلى لبنان ويجولون في قراهم ويبحثون عن أقارب ما ويحرصون
على زيارة المعالم الأثرية والدينية والحضارية في بلد الأجداد.
وقال الحاج ل"جبلنا ماغازين" إن الوفد الذي رافقه إلى لبنان في العام
2012 كان يضم 65 شخصاً، إلا أن العدد قلّ هذا العام (2013) بسبب الظروف الأمنية والتوتر
السائد في المنطقة. وأضاف: "أول لبناني هاجر إلى الأرجنتين عام 1860، وهناك
كثر من المتحدرين من أصل لبناني هنا الآن يتطلعون للتعرف على لبنان ومعرفة كل شيء
عنه".
عن أجواء زيارته للبنان في آب الماضي، يقول الحاج: لقد لفت نظري هذه المرة أن المواطنين اللبنانيين ليسوا مرتاحين ويشعرون بالقلق. ولكن رغم ذلك كانت هناك حركة لا تهدأ في الشوارع والمقاهي. والحركة اللافتة بشكل خاص أمكننا ان نلحظها أكثر في العاصمة بيروت ومدينة جبيل". ويضيف: "هناك أعمال بناء مستمرة لتحسين الطرق وإعمار البلد، وهذا يظهر أن أمل اللبنانيين ما زال كبيراً بمستقبل بلدهم".
ورداً على سؤال
ل"جبلنا ماغازين"، قال نستور الحاج إنه بالفعل يحلم بان يذهب للعيش في
لبنان يوماً ما وشراء بيت له ولعائلته.
وعن الجالية اللبنانية في الأرجنتين، يشرح الحاج بأن الجالية هناك لا تهتم
بالسياسة ولا تعنيها الطوائف، بل كل ما يعنيها هو "لبنان وبسّ". ويقول
إن كثيراً من رجال السياسة حاولوا الاستفسار منه عن الميول السياسية للبنانيّي
الأرجنتين عندما زار لبنان الصيف الماضي، ولكنه أجابهم بأن "اللبنانيين في
الأرجنتين لا يعرفون بالسياسة ولا يريدون أن يعرفوا"!