Follow us

image

صوتنا - غازي المصري من موسكو: تراب الوطن مش كخّ

"ولدنا على أرض الوطن، لبنان... ومَن منا في طفولته لم يأكل من تراب هذا الوطن؟ حتى أننا مصغنا التراب في طفولتنا، ثم دخلنا الى المدارس وبدأنا نكبر وبدأنا نحلم. ولكن أسباب كثيرة جعلتنا نحلم بالهجرة والاغتراب...

وبعد سنوات ينعكس لدينا الحلم، فيصبح حلمنا العودة إلى الأرض التي أكلنا من ترابها... إلى الأهل... إلى القرية... إلى العشرة والمحبة.

ولكن، تمر السنين ونحن نشكو همنا ونحكي عن حلمنا ولا شيء يتغير...

فالأسباب التي أدت بنا إلى الاغتراب والتي كانت سابقاً سبب اغتراب أجدادنا ما زالت هي هي!

وكأن لا أحد يهتم بشعورنا وإرادتنا. وكأننا ولدنا على أرض وطن للتصدير، ولكي يكون وطننا حكاية لأولادنا وتاريخاً نرويه لأحفادنا ليس إلا... وهنا مكمن الغصة في قلب كل مهاجر من الجيل الأول. فهو يقضي عمره يحلم بوطنه الأم، ويتذكر كيف كان يأكل في صغره من تراب الأرض، وأمه تضربه على يده وتقول: "كخّ"! ولكننا، نحن المهاجرون، نعلم أن هذا التراب ليس "كخّ" بل هو "أدحّ من الدحّ"، فهو دمنا!!

ولعلّ هذا "الكخّ" هو ما يجعلنا متمسكين أكثر بهذا الوطن وأرضه وأهله... فنحن في المهجر نسعى طول السنين إلى لقمة العيش والأمان في الأسرة ولكننا لا نجدها إلا على أرض الوطن.

ما أتحدث عنه ليس مجرد مشاعر آنية، بل هو كتلة المشاعر والأحاسيس الموجودة بداخلنا، وفي تكوينها الأساس حباتُ تراب الأرض التي انجبلت مع دمنا حين كنا نلعب ونحن صغار في دار منزلنا أو في الجنينة، وأخذنا حينها كمشةَ تراب من حوض تنمو فيه زهور لبنان... وتذوّقناها بشغف!"

**الصورة المرفقة (في الأعلى) هي لجانبٍ من بلدة الدكتور غازي المصري، صَليما، الواقعة في المتن الأعلى.