Follow us

image

الفنان التشكيلي العالمي موسى طيبا ينهي ترحاله عن عمر 75 سنة

ودعت بلدة قانا الجنوبية قبل أيام ابنها الرسام اللبناني العالمي موسى طيبا الذي وافته المنية في فرنسا في 12 آب الجاري عن عمر يناهز 75 عاما، أمضاها في العطاء الفني الذي تميز بفرادة لوحاته التجريدية.

ولد موسى طيبا في تربيخا (فلسطين) عام 1939، وعاش طفولته وشبابه في بلدة قانا الجنوبية. وبعد انتهاء دراسته الثانوية، انتقل إلى الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة في بيروت (1957-1961) حيث تعلِّم تقنيات الرسم المختلفة بإشراف أساتذة فرنسيين و تعرف على التيارات الفنية الكبرى وأتقنها.

بعدما حاز على الشهادات التي تمنحها الأكاديمية اللبنانية، أراد أن يكتشف العالم أكثر، وهو الحالم بالترحال. وفي العام  1964، انتقل إلى لندن حيث تابع دراسة الفن، ثم بين عامي 1965-1967، درس وتخرّج من أكاديمية الفنون الجميلة في روما، وعاد ليصبح أستاذا لمادة تكنولوجيا الفنون في معهد الفنون في الجامعة اللبنانية - الفرع الأول عام 1971.

حملته الحرب الأهلية في العام  1986 على الهجرة إلى فرنسا، وتحديداً في مدينة شارتر حيث زاول نشاطه الفني هناك وأقام نشاطات ثقافية مختلفة على هامش عروضه التشكيلية، واستمرت هجرته 15 سنة عاد بعدها إلى بلدته قانا حيث حوّل منزله إلى معرض دائم للوحاته، فبلغ عدد أعماله  نحو  250 عملاً فنياً موزعة بين منحوتة ومجسّمة وأكواريل ومائية تم انجازها ما بين 1962 و2002.
شارك في العديد من المعارض الدولية والوطنية، إضافة إلى معارضه الخاصة،  تم تكريمه في العام 2013 من قبل الحركة الوطنية في أنطلياس.

عن الفنان التشكيلي الراحل كتب صديقه الأستاذ طلال سلمان في جريدة "السفير":
"رحل الطفل المبدع موسى طيبا وحيداً في منفاه الفرنسي بشارتر قرب باريس... وظلّ متحفه في قانا الجليل وحيداً ينتظر الزائر الذي جاءها مرة، فجعلها مباركة.
هو لم يرحل حقيقة. لقد تعب من انطفاء الأحلام بعيد التماعتها الأولى. تعب من السفر خلف آماله، وفي قلبها، ومن حولها. يدق باب «الزعيم» ليرعى «المتحف» فينال الوعد تلو الوعد.. ويدور في العالم يجمع اللوحات والتماثيل للمبدعين ليعرفهم أطفال قانا وجيرانها ولا يأتي «الزعيم» منتظراً أن يأتي إليه «المتحف».
وحلم بأن ينحت تمثالاً يجسد المقاومة برجالها ونسائها والأطفال. وعزّ عليه التنفيذ وإن تكاثرت وعود التعب حتى أتعبه حملها، فأنتج ما يدلّ على هدفه وإن ظل بعيداً عن طموحه.
لقد أعطى قانا متحفاً عالمياً، جاءه بنتاج بعض كبار المبدعين رسماً ونحتاً، بما يغني عن جولة بين العواصم والمعارض في عواصم الكون..
من قانا الجليل إلى بيروت ـ المعهد (الكسي بطرس)، إلى عاليه، إلى كفرشيما، حتى إذا ضاقت به الدراسة والتعليم انطلق يخترق العوالم السحرية بالرؤى والألوان الصارخة والأشكال التي تتداخل فيها الأحلام والأخيلة شعراً ونثراً وجملاً غير مكتملة.
زميل دراسة الكبار عيدو وماضي وجوني وحيدر وبدر الدين وقدورة و«المعلم» مرزوق... الساذج العبقري، الفوضوي المنظم، عاشق الأرض وهو يحلق فوقها بأحلامه، حاضن رفيقة عمره وذاكرته ودليله إلى البيت.. طارق أبواب المكاتب المغلقة على وزراء بالغلط لوزارة المواهب، رحل بلا وداع، وحيداً، غريباً، كما عاش، أصدقاؤه الألوان والأقمشة واللوحات وبعض المشفقين عليه من سذاجته.
موسى طيبا: أيها الغريب في وطنك، أيها الذي عرفك العالم بمبدعيه ونقاده أكثر مما عرفناك، الآن سنتباهى بك، وستقام لك حفلات الرثاء وستوزع لوحاتك أوسمة على صدور من لا يستحقها. إلى اللقاء".