Follow us

image

بعد فيلسوف الفريْكة... "سرمد" اسمٌ آخر من آل الريحاني يلمع في المهجر

 

جبلنا ماغازين - واشنطن

مَن قال إن بلدة الفريكة المتنية، مسقط رأس الأديب والفيلسوف أمين الريحاني، لا تنجب متفوقين في المجال العلمي أيضاً؟
ومن قال إن عائلة الريحاني التي أنجبت قبل قرن من الزمن "أميناً" لن يكون فيها شخصية أخرى مهاجرة لامعة في أميركا بعد "فيلسوف الفريكة"؟
إنه سرمد الريحاني... كثيرون في لبنان لم يسمعوا بهذا الاسم من قبل. فهو مهاجر منذ العام 1970 ويقيم حالياً في العاصمة الأميركية واشنطن.
شغل على مدى السنتين الماضيتين مركز نقيب المهندسين الإنشائيين في الولايات المتحدة وحاز مؤخراً على جائزة "دنيس توكسبيري"، وهي أعلى جائزة تعطى سنوياً على  مستوى النقابة.

يدعوه أصدقاؤه المقربون "أبو أرز"، إذ أنه وزوجته الأميركية "أينا" اختارا لابنهما البكر اسم "سيدر" تيمناً بأرزة لبنان التي تعشقها أينا وتجهد للحفاظ عليها رمزاً للبنان، وتقوم بتوزيع "شتلات" منها على كنائس ومبان تعود للجالية اللبنانية في الولايات المتحدة.

لن نطيل الحديث هنا عن "أينا"، المرأة التي تقف وراء رجل عظيم، بل سنخصص لها تحقيقاً في "جبلنا ماغازين" قريباً لنضيء فيه أكثر على نشاطها البيئي والأكاديمي والاجتماعي الذي تقوم به من أجل بلدها الثاني: لبنان.

لسرمد الريحاني وزوجته ثلاثة أبناء وأربعة أحفاد، وجميعهم مسجلون في لبنان ويحملون جنسيته ويحرصون على زيارته دورياً. علماً أن الوالد (الذي تقاعد من عمله في مجال الهندسة الإنشائية قبل فترة من الزمن ويحصر اهتمامه حالياً بإدارة شؤون شركتين يملكهما لا علاقة لهما بعمله في الهندسة) يعدّ العدة للانتقال إلى لبنان والعيش فيه. وهو قال ل"جبلنا ماغازين": "أنا مقتنع بأنه عندما يستقر لبنان -سياسياً على الأقل- سيعود كثير من المغتربين إليه. وأنا من الأشخاص الذين اتخذوا قراراً بالعودة مهما كانت الظروف السائدة في البلد. فأنا وعائلتي لم نتوقف عن الزيارة طيلة سنوات الحرب".

سرمد الريحاني، والده ألبرت الريحاني (الشقيق الأصغر لفيلسوف الفريكة الكاتب والشاعر الراحل أمين الريحاني)،  كان قد غادر لبنان بعد دروسه الثانوية، ثم درس الهندسة الإنشائيّة في الولايات المتحدة، ومارس مهنة الهندسة في عدد من الولايات، ثم عمل تسع سنوات في المملكة العربيّة السعودية حيث ترأس جمعية المهندسين الأميركيين لسنتين قبل عودته إلى الولايات المتحدة. له نحو 700 مشروع هندسي منفِّذ (أو قيد التنفيذ) في عدد من البلدان الأميركية والأوروبية إضافة إلى بلدان جنوبي آسيا وشمالي أفريقيا. وتجدر الإشارة إلى أن نقابة المهندسين الإنشائيين الأميركيين التي اختارته لنيل جائزة التقدير تضم أكثر من 25 ألف عضو فاعل ونحو ثلاثة آلاف عضو منتسب من مختلف أنحاء العالم.

وقد أعلنت الهيئة الإدارية الجديدة للنقابة في احتفال أقامته قبل أسابيع أن ولاية سرمد (سام) الريحاني على رأس النقابة شهدت تقدّماً وأزدهاراً غير مسبوقين في أنشطة النقابة ومدى فعاليتها في القطاعين الأميركيين العام والخاص. ويعود هذا التقدم، كما جاء في نصّ البراءة للجائزة، إلى "النشاط المتواصل للنقيب سرمد الريحاني ولشبكة الاتصالات التي خلقها وعزّزها لمصلحة القطاع الهندسي الأميركي، إضافة إلى جهوده الحثيثة والمثمرة في رفع مستوى الأداء الهندسي على اختلاف اختصاصاته ومستوى التزاماته المهنيّة والعلمية والأخلاقية". وجاء في النص أيضاً أن "التزام النقيب سرمد الريحاني وتفانيه في تكوين ممارسات هندسيّة مثلى ونموذجيّة لمهنة الهندسة في أميركا وسائر البلدان المتقدّمة والنامية في العالم جعلته قياديّاً بارزاً ومستحقاً لجائزة التقدير من جميع المهندسين الإنشائيين في الولايات المتحدة الأميركية".

في لقائه مع "جبلنا ماغازين"، يقول الريحاني إن "الجينات اللبنانية طبعاً لها علاقة بنجاح الفرد اللبناني في دول المهجر، فمعروف عن اللبناني أنه لا ينكسر بسهولة ولا يتوقف أمام أي مسألة أو ظرف يعانده، كما أن التربية التي نتلقاها من أهلنا لها علاقة بذلك أيضاً، حيث يعتاد اللبناني منذ صغره على التفكير الإيجابي وعلى فكرة أن يكون عضواً فاعلاً في المجتمع أينما ذهب". وبعدما ابتسم قليلاً لدى سؤال "جبلنا ماغازين" لماذا هذه الجينات وهذه التربية تفعل فعلها مع اللبناني المهاجر أكثر منه بالنسبة للبناني المقيم، أجاب: "أعتقد أن هذا له علاقة بالثقافة السياسية الطاغية في لبنان. فاللبناني في المهجر يجتهد على صعيد الجماعة كما على صعيد العمل الفردي. أما في لبنان، فهو معتاد على أن يجتهد لوحده ونادراً ما نجد مجموعة من اللبنانيين تعمل على أمر موحّد".
وإذ يبدي الريحاني قلقه وحزنه على الوضع السائد في لبنان حالياً، يقول: "أشعر وكأن هناك مخططاً لإيجاد هذا الشغور في منصب رئاسة الجمهورية لسبب ما. ولكن رغم كل شيء أنا متفائل وعلى ثقة بأن كل أمر غير طبيعي مصيره أن ينتهي". ويضيف: "اعتماد الديمقراطية الحقيقية من شأنه أن يحلّ مشاكل كثيرة في البلد، ومنها الفساد. ويا ليتنا نستطيع ان نطبقها فعلاً، فتخضع الأقلية لرأي الأكثرية ويكون الجميع تحت سلطة القانون".

ورداً على سؤال عن علاقته بالإرث الثقافي لعمه الكاتب الراحل أمين الريحاني، يقول: "أخي الأكبر، وهو يدعى بدوره أمين الريحاني، يتولى إدارة المتحف في بلدة الفريكة. والإرث الثقافي كلنا في العائلة متأثرون به، علماً أنني الوحيد بين إخوتي الذي اتجه للهندسة، لا للفكر والأدب، رغم اهتمامي بهما. كما هناك "مؤسسة أمين الريحاني" في الولايات المتحدة، وأنا أهتم بشؤونها إلى جانب إخوتي".