Follow us

image

الإعلامي حسن الحسيني – باريس، فرنسا

"لبنان الذي أحب لم يعد موجوداً. فهناك اصطفاف مذهبي مقيت والناس لم تعد كما كانت. الغريزة الطائفية والشحن الطائفي والمذهبي يعيداننا إلى القرون الوسطى، واللبنانيون بأكثريتهم الساحقة يَجرون وراء الانقسامات والمصالح الإقليمية. لبنان كان دوماً الحلقة الضعيفة في المنطقة، واللبنانيون كانوا دائماً الأداة التي تكسر هذه الحلقة. ومنذ حوالى منتصف القرن التاسع عشر، يستنجد اللبناني - أو يستقوي على الآخر -بالقوى الإقليمية أو الدولية.

لكي يفكر المهاجر اللبناني بالعودة إلى الوطن هناك عدد من المسائل التي يفترض توافرها في البلد. وهي:

أولا الاستقرار السياسي. وهذا لا يحصل إلا عبر مسألتين: الاستقرار الإقليمي، وهذه المسألة ممكنة مع الوقت، خاصة في ضوء التطورات الأخيرة المتعلقة بالتقارب الإيراني الأميركي -إذا ما تحقق - وبالاقرار بالدور الإقليمي لطهران. وهنا تتوجه الأنظار إلى السعودية وكيفية تعاطيها مع الموضوع، وأيضا على التنازلات التي يتعين على ايران تقديمها لمحيطها السني في العراق وفي سوريا وأيضا وحكماً في لبنان. هذه الأمور اذا تحققت تجنب لبنان الاحتقان السياسي والمذهبي القائم الذي يحول دون أي استقرار يشجع اللبنانيين على العودة الى لبنان.

المسألة الثانية أكثر تعقيداً ولها علاقة ببناء وطن وليس أوطاناً، بمعنى أن تكون المواطَنة هي الأساس لكي تفَعَّل المؤسسات، وإلا فإن الفساد سيزداد و"التصلبط" على مقدّرات وخيّرات الدولة (أي الشعب اللبناني) ستستمر. وهذه المسألة صعبة للغاية لأنها لا تتحقق إلا بإلغاء الطائفية السياسية. ومن هي القوى القادرة او الراغبة بتحقيق ذلك؟ هل هي تلك المتاجِرة بالمذهبية والطائفية؟

هناك أيضاً مسألة الاصلاحات الإدارية وتطبيق اتفاقات باريس التي بموجبها حصل لبنان على المساعدات المالية والديون بفوائد ميسرة. ولكن الأهم هو الإنسان وتغيير الانتماء من الطائفة إلى الوطن. في الماضي كان الشيخ بيار الجميل يقول إن المسيحيين خائفون، ولقد رأينا إلى أين أدى الخوف... إلى الهجرة والاغتراب والخراب. واليوم، حزب الله يحاول إقناع أبناء الطائفة الشيعية أن الأصوليين السنّة يهددون وجودَ الشيعة في لبنان في حال لم يشارك في الحرب الى جانب النظام السوري، والسنّة في لبنان (أو أكثريتهم الساحقة) تتهم حزب الله بتطبيق الأجندة الإيرانية والحيلولة دون حصول التغيير في سوريا. والمسيحيون منقسمون ما بين من يخافون من أن يكون انهيار نظام الرئيس السوري كوارث عليهم، وبين من يؤيدون حزب الله، وبين من يقف بوجه مشاركة هذا الحزب في الحرب الدائرة في سوريا".

*حسن الحسيني
  صحافي وإعلامي لبناني مقيم في باريس