Follow us

image

أنا وابنة أختي... ولبنان! -بقلم: فاديا سمعان

جبلنا ماغازين - كلمة لو سمحتوا

من الأشخاص الذين لدي نقطة ضعف تجاههم... ابنة أختي. هي في لبنان وأنا - منذ حوالي عشر سنوات -في أميركا. أحبها كثيراً واشتاق لرؤيتها ولشخصيتها القوية، وبشكل خاص لصوتها الذي يعلو على صوتي عندما نتجادل... ودوماً نتجادل! ولكن، قلبها كالعسل وتحبني كثيراً بدورها، ولا شك في ذلك. وأنا اعتبرها أختاً وصديقة بسبب قلة فارق السنوات بيني وبينها.

لن أذكر اسمها هنا، لأنني لو فعلت، سوف تتصل و"تنشرني" مجدداً بعدما "نشرتني" هذا الصباح... عن حق وحقيقة!

اتصلت بها للاطمئنان وتبادل الحديث كالعادة، والذي نتناول فيه أخبار العائلة هنا وهناك وأوضاعنا الشخصية. إلى هذا الحد، كان كل شيء على ما يرام... وبعدها قلت: "قد أذهب إلى لبنان في الصيف المقبل. وما إن يتأكد مشروع السفر أخبرك"...

فرِحَت كثيراً بما قلت. فهي لم ترني منذ زيارتها لنا في أميركا منذ بضع سنوات. وبدأت تشترط عليّ إطالة عدد الأيام التي سأقضيها في لبنان لو ذهبت. عندها أضفت جملتي التي وقعت عليها كالصاعقة: "ولكنني خائفة من أن أذهب إلى لبنان وأرى القمامة في الشوارع فأقرف من البلد. لا أريد أن تؤدي زيارتي هذه إلى كرهي للبلد أو اهتزاز الصورة الجميلة التي أحملها له في غربتي"...

يا لهول خطيئتي ولهذا الكلام الصادم الذي تفوهت به! ولمن؟ ...لابنة أختي!

"شو هالحكي؟ هيك عم تقولي عن لبنان؟ إذا إنتي عم تحكي هيك عن لبنان، شو خليتي لغيرك"؟!

عندما عاجلتني بهذا الردّ السريع، سألتها: "ما الذي أغضبك في ما قلته؟ أليست هناك قمامة في الشوارع أم أن الإعلام يضخم هذا المشهد؟"

أجابت: "لبنان حلو بزبالته! وكيف ما كان، بيضل لبنان أحلى بلد بالعالم! برئيس وبلا رئيس... بانتخابات وبلا انتخابات... بزبالة وبلا زبالة"!

عندما سمعتها تقول هذا الكلام ظننت نفسي أتحدث مع أحد المهاجرين اللبنانين القدماء في القارة الأميركية أو في أستراليا، والذين أتواصل مع كثيرين منهم يومياً بحكم عملي في هذا الموقع المختص بالاغتراب، إلى أن أضافت: "نحن كتير مبسوطين بلبنان وباقيين فيه وما منتركه وما منفضّل عليه أي بلد تاني بالعالم"!

أحسست هنا وكأنني تلقيت صفعة لتوي، فأدرت برأسي إلى الجهة الأخرى أفكر بردّ ملائم. فإذ تَبادر إلى ذهني كلام قاله لي قبل أيام جنرال متقاعد في الجيش اللبناني في اتصال معه في لبنان. قال: "أشعر بأنك محبطة هذه الأيام. رجاءً لا تفقدي الأمل بلبنان. فنحن بحاجة إلى قلمك لكي نبقي على إيمان اللبنانيين بهذا الوطن... لقد مرت علينا أيام أصعب وتخطيناها. وما يجري الآن سنتخطاه أيضاً وأنا واثق من ذلك".

هل قرأت ابنة أختي كلام ذلك الجنرال وهو يمر في بالي؟ حقيقة لا أعرف، ولم استطع أن أسألها عن ذلك عندما كانت تضيف: "توقفوا عن كتابة الأمور البشعة عن لبنان وركزوا على الإيجابيات"!

...ولا أخفيكم سراً أنني ارتحت قليلاً عندما سمعتها تنهي الكلام بصيغة الجمع. إذن مشكلتها ليست معي شخصياً، بل مع كل من هم محبطون مثلي وشبه فاقدي الأمل.

ابنة اختي وذلك الجنرال الحبيب... طالما هناك من لا يزال يعيش في لبنان ويحبه ويؤمن به، رغم الظروف التي يمر فيها، "برئيس وبلا رئيس، بانتخابات وبلا انتخابات، بزبالة وبلا زبالة..."، فسيبقى هناك أمل بأن لبنان باقٍ.

شكراً لكِ أيتها العزيزة على "نَشري"... وشكراً لكَ أيها العميد الصديق على لفت نظري بلطفٍ وتهذيب!