Follow us

image

اللبناني زياد عبد النور.. رقم صعب في وول ستريت كما في واشنطن

جبلنا ماغازين – خاص من نيويورك

 

في العشرين من عمره، قرر زياد عبد النور تحدّي والده النائب الراحل خليل عبد النور الذي رفض أن يُقدِم وَلدُه على الزواج بعْيد تخرجه من الجامعة مباشرة؛ فبقي زياد على إصراره، إلى أن قرر الوالد حرمانه من الميراث ومن كل الرفاهية التي عاش في ظلها منذ نعومة أظفاره. فهاجر وحيداً إلى الولايات المتحدة حاملاً معه مبلغَ ثمانية آلاف دولار - هي كل ما تمكّن من جمعه - وعهداً قطعه على نفسه وعلى أبيه بأن يجمع ثروة بأضعاف ما كانت تملكه عائلته الثرية.

"لم يكن خلافي مع والدي هو السبب الوحيد لمغادرتي لبنان، بل وضع البلد ككل كان سيّئاً في تلك السنة التي شهدت الاجتياح الإسرائيلي للبنان واغتيال الرئيس بشير الجميل"، يقول زياد عبد النور ل "جبلنا ماغازين"، مضيفاً: "وصلت إلى نيويورك في العام 1982 حيث لم يكن لي أقارب أو أصدقاء. كل ما كنت أملكه حينها ثمانية آلاف دولار وشهادة في الاقتصاد بدرجة امتياز حصلت عليها من الجامعة الأميركية في بيروت... وأنا الذي كنت حاصلاً على أكثر بكثير مما كنت أحتاج إليه عندما كنت في كنف العائلة من سيارات ومقتنيات فخمة، وجدتُ نفسي وحيداً وبلا سند في إحدى أكبر مدن العالم... فكان بدء التحدي"!

حصل زياد عبد النور بداية على وظيفة عادية في مصرف Chase وبدأ يتنقل كمعظم سكان نيويورك بالباص والمترو، ولكنّ عينه كانت على وول ستريت التي ما لبثت أن فتحت له أبوابها بعد سنوات قليلة، بعدما أكمل تعليمه وحصل على شهادة ماجستير في التمويل المصرفي من جامعة Wharton School of Finance  في بنسلفانيا.
ويقول عبد النور أنه من القلائل الذين تمكنوا من ولوج الباب إلى وول ستريت وهم يحملون إسماً عربياً. إذ أنه في تلك الأيام لم تكن نيويورك، وبخاصة وول ستريت، تتمتع بالانفتاح على الثقافات والإثنيات كما هي عليه اليوم.

وبعد أقل من عشر سنوات على انتقاله إلى الولايات المتحدة، كان عبد النور بالفعل قد جمع ثروة طائلة تفوق ثروة العائلة وربح التحدي. لا بل أصبح لاعباً مهماً في في عالم المال والاستثمارات المصرفية والتجارة العالمية.

وإلى جانب انشغالاته الكثيرة كرجل مال وأعمال ومحاضر في الشأن الاستثماري والمصرفي، نشط زياد عبد النور في عالم السياسة الأميركية عن الحزب الجمهوري، وبات مقرباً من مراكز القرار في واشنطن وكاتب مقالات في شؤون لبنان والشرق الأوسط. وبرز اسمه بشكل خاص بعدما كتب، بالاشتراك مع مدير منتدى الشرق الأوسط، الكاتب والمؤرخ الأميركي المثير للجدل دانيال بايبس، تقريراً بعنوان: "إنهاء الاحتلال السوري للبنان – الدور الأميركي"، في العام 2000. وقد استحضر إثر ذلك عداوات كثيرة، وبات موصوفاً في بعض وسائل الإعلام اللبنانية والعربية بأنه عميل استخبارات وراعي إرهاب. لا عجب في ذلك، إذ أن هذا التقرير استُخدم في ما بعد نواةً لوضع "قانون محاسبة سوريا واستعادة سيادة لبنان" الذي صوّت عليه الكونغرس ووقعه الرئيس الأميركي جورج بوش في كانون الأول من العام 2003.

وكان عبد النور قد أسس في عام 1997 اللجنة الأمريكية لتحرير لبنان (USCFL)، وهي تعرّف عن نفسها بأنها "مركز للفعاليات الموالية للبنان". وكانت أحد المؤيدين البارزين للقانون المذكور، ولا تزال ترفع الشعارات ذاتها حتى اليوم إلى جانب رفض سلاح حزب الله.

ولدى إثارة الجانب السياسي من اهتماماتِ عبد النور، سألته "جبلنا ماغازين" عما إذا كان يطمح بالحصول على منصب سياسي يوماً ما في لبنان أو أميركا، فأجاب بالنفي القاطع. ولكنه ذكّر بأنه أتى من عائلة سياسية، حيث كان عمه سالم عبد النور نائباً عن منطقة الشوف (من 1960 حتى 1964 ثم من 1972 حتى 1992)، وبعد وفاة عمه كان والده خليل عبد النور نائباً من العام 1992 حتى العام 2000. هذا، وترتبط العائلة بعلاقة مصاهرة مع آل الجميّل ومع السياسي كريم بقرادوني. ويقول عبد النور: "بما أنني مواطن أميركي، وبما أن الأميركيين يحتاجون لخبراء في الشأن اللبناني، ولبنان بحاجة لمن يدعم قضاياه في واشنطن.. لهذا أنا منخرط في السياسة". ويضيف:" غير مسموح العبث في الشأن اللبناني بعد اليوم. وعندما يتعاطى أميركي من أصل لبناني مع واشنطن، يكون موقفه أقوى من أي مسؤول لبناني يأتي واشنطن زائراً. فالسياسيون يأتون من لبنان ليستجدوا الاهتمام؛ أما نحن اللبنانيين الموجودين هنا، فنتوجه للأميركيين من منطلق أننا أميركيون أيضاً، فنقدم لهم النصح على هذا الأساس".

وعن الشخصيات السياسية التي أثرت به وبمسيرته، يعدّد عبد النور:  من أميركا الرئيسين الأميركيين رونالد ريغن وجورج بوش (الأب)، ومن لبنان الرئيسين الشهيدين بشير الجميل ورفيق الحريري؛ وعربياً، الرئيس المصري الراحل أنور السادات.

وردأ على سؤال عمّا أضافته الثروة الضخمة التي جناها على شخصيته، يقول عبد النور: "عندما لا يملك الإنسان المال، بإمكانه فقط أن يحلم. أما عندما يملك المال فإنه يستطيع تحويل أحلامه إلى حقيقة".
وإذْ تسأله "جبلنا ماغازين" عمّا هي أحلامه؟ يجيب: "أن يتمتع لبنان بالحرية والسيادة وأن يكون بلداً آمناً يتمتع أبناؤه بحقوقهم ويتمكن شبابه من إيجاد فرص عمل داخل البلد بدل التوجه إلى الخارج أو استجداء هذا وذاك للحصول على وظيفة. وأحلم بأن أتمكن يوماً ما، أنا وعدد كبير من رجال الأعمال اللبنانيين المغتربين، كمثل كارلوس سليم وغيره، بان نذهب لضخ المال والاستثمار في لبنان. ولكن هذا لن يحصل إلا بعد رفع المخابرات السورية يدها عن لبنان وإنهاء هيمنة حزب السلاح ومن خلفه إيران على القرار اللبناني".
ويعتقد عبد النور أن أموال الاغتراب اللبناني كافية لإعادة لبنان إلى سكة النهوض المالي والاقتصادي ومن شأنها أن تغنيه حتى عن أموال واستثمارات الخليجيين.

زياد عبد النور، الذي زار لبنان لآخر مرة عام 1996، واعتكف بعد ذلك عن الزيارة نظراً لمواقفه السياسية المتشددة وردود الفعل عليها، يردّ على سؤال أخير ل"جبلنا ماغازين" عمّا هو أول مكان يزوره في لبنان لو استطاع التوجه إلى هناك، بالقول: "سأزور قبر والدي في بلدتنا جون. فهو توفي العام الماضي  ولم أستطع أن أكون في وداعه"!