Follow us


زراعة الحشيشة تزدهر مجدداً في بعلبك الهرمل والمزارعون يأملون بتشريعها

تحقيق "عيسى يحيى" – الجمهورية

على نارٍ هادئة ينضج موسم «القنب الهندي» لهذا العام، وما هي إلّا أسابيع قليلة حتى يبدأ المزارعون بالقطاف. فبَعد عامين لم تُتلف خلالهما الدولة المحصول، يتّجه موسم السنة أيضاً إلى المرور بسلام في منطقة بعلبك - الهرمل من دون مواجهات بين القوى الأمنية والمزارعين، في ظلّ غياب الدولة عن المحافظة إنمائياً وأمنياً، وعدم قدرتها على توفير زراعات بديلة، وتأمين الدعم المالي لإنشاء مشاريع زراعية تنموية تدفع المزارعين إلى وَقف زراعة «الحشيشة» والتعويل على زراعات أخرى.

على امتداد ما يقارب 70 ألف دونم من أراضي بعلبك - الهرمل الزراعية، بدءاً من بوداي، اليمونة، دار الواسعة، دير الأحمر، بشوات، كفردان، الكنيسة، مروراً ببعض البلدات وصولاً حتى الحدود اللبنانية - السورية لجهة الهرمل، نثَر المزارعون بذارهم أوائل شهر آذار الماضي واعتنوا بها، فعدد يسير منهم يُعوّل على موسم هذا العام، لأنّها زراعة مربحة تدفع الكثير إلى عدم التخلّي عنها بل المطالبة بتشريعها، وتسهيل الدولة تصريف الإنتاج مثل بعض الدول الأوروبية.

وعن زراعة هذه النبتة ونجاحها، يقول ح.ج لـ«الجمهورية» إنّ الحشيشة أنواع: الزهرة، الكَبشة، وأجوَدها الـ»هَبُو»، وزهرَة «الكُولش»، شارحاً أنّ زراعة الحشيشة تبدأ من خلال زرع بذور «القنبز» في بداية شهر شباط، وفي أيلول يتمّ قطف العشبة وتجفيفها ثم تنظيفها، وفي الشتاء يبدأ الكبس في معامل خاصة إبتكرها المزارعون بأنفسهم، وعندما تتحوّل مادة تشبه الطين، وتسمّى كل قطعة منها «هُقَّة»، توضَع في أكياس من الخام وتصبح جاهزة للبيع.

وعن التكلفة، يوضح أنّ «ضمان الدونم الواحد من الأرض يكلّف مئة ألف ليرة لبنانية عن السنة كاملة، وحراثته تحتاج إلى نحو ثلاثين ألفاً، وريّه إلى عشرين ألفاً، وثمن كيلو «القنبز» 2000 ليرة، أي بما لا يتعدّى المئة دولار للدونم الواحد، بينما يَجني ما بين 500 و3000 دولار»، مشدداً على أنّ «الحشيشة هي النبتة الوحيدة التي لا تتأثر بالتقلبات المناخية وأحوال الطقس بعكس المزروعات الأخرى التي تعود بالخسائر، وحتى المزروعات التي حُكيَ عنها سابقاً كبدائل عن الحشيشة، مثل القمح والشعير ودوّار الشمس وغيرها».

الوضع الأمني

في المقابل، يؤكد مصدر أمني لـ»الجمهورية» أنّ الدولة لم تحسم أمرها لجهة إتلاف موسم هذا العام، فالوضع الأمني في لبنان عموماً والبقاع خصوصاً لا ينقصه خضّات إضافية، ولا يُشجّع على دخول القوى الأمنية في مواجهات مع المزارعين، فالتلف يحتاج الى أعداد كبيرة من القوى الأمنية ومساندة الجيش، وهذه القوى تتولّى في هذه المرحلة مهمات كثيرة، آخرها المظاهرات والتحركات الشعبية، إضافةً إلى الوضع غير المستقر نسبياً على الحدود، لافتاً إلى أنّ عديد قوى الأمن في سريّة بعلبك غير كافٍ لكي توكَل إليهم هذه المهمة.

المزارعون

بدورهم، يُصرّ المزارعون على القطاف هذا العام. ويقول ح.ش: «لن يُسمح لأحد بالاقتراب من الموسم، فنحن تكبّدنا عناء العمل طوال السنة، ولا مردود لنا غير هذه الزراعة»، مشيراً إلى أنّ «المزارعين لم يلحظوا أيّ حلول جدية وواقعية من الحكومات المتعاقبة، ولم تدفع تعويضات عن المواسم التي أتلفَت سابقاً، والقضية منذ العام 1992 تراوح مكانها».

وأكد أنّ «المزارعين ليسوا هواة مواجهات مع القوى الأمنية، أو من محبّي زراعة الممنوعات، ولكن لا بديل جدياً حتى الآن عنها، وهي نتيجة إهمال الدولة منذ عشرات السنين وترك المواطنين هنا لمصيرهم».

قِدم زراعة الحشيشة في بعلبك - الهرمل يربطه البعض بعقود الحرمان والإهمال في المنطقة، التي لم تُحرّك الدولة ساكناً تجاه مزارعيها بل "عَ الوعد يا كمّون".