Follow us


لبنان يراهن على مغتربيه لإنقاذ موسم الصيف

كتب محمد وهبي في جريدة "السفير":
المؤسسات السياحية في حالة ارتباك. صيفها الموعود لم يأت بعد. ففي منتصف أيار، وعلى أنغام تصريحات السفير السعودي في لبنان وردّيات «الجوقة» اللبنانية، راهنت هذه المؤسسات على أن يحمل الصيف سيّاح الخليج بقدراتهم الشرائية الكبيرة. وما إن اقتربت نهاية حزيران، حتى أصدرت الإمارات بياناً تحذّر فيه من السفر إلى لبنان على إثر تفجير انتحاري في فندق «دي روي». سرعة الانتقال من حلم إلى كابوس، لم تلغِ الآمال المعلّقة على فترة عيد الفطر وما بعدها التي قد تعيد هذه المؤسسات إلى الرهان مجدداً
.

يبدو المشهد «متوتراً» في دول الجوار. فتيل انتقال هذا التوتر إلى لبنان سريع الاشتعال، وإن لم تقرب النار منه بعد. هل يعني ذلك أنه سيكون الموسم الثالث بلا سيّاح خليجيين؟ هل يعني ذلك أن المؤسسات السياحية قادرة على تحمل المزيد ويمكنها التعايش مع هذه الأزمة؟ على أي فئة من السيّاح يمكن التعويل؟ ما هي المؤشرات التي يمكن أن ترسم مستقبل ما بقي من موسم الصيف؟
الأسئلة كثيرة وهي تربك إجابات أصحاب المؤسسات السياحية. حائرون هم. لا يمكنهم تقديم إجابة حاسمة عما ستحمله الأيام المقبلة. حتى إن نتائج حجوزات الطائرات إلى لبنان ليس لديها دلالة واضحة. والتحسّن الذي طرأ خلال الأيام الخمسة الأخيرة على حركة المغادرة والوصول في مطار بيروت الدولي، تنطوي على تفسيرات متناقضة. فإلى جانب كونها حركة طبيعية يشهدها المطار قبل الأعياد، هي تعبّر أيضاً عن اطمئنان الزائرين، بصرف النظر عن أعدادهم وجنسياتهم.

وبحسب رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط «ميدل إيست» محمد الحوت، فإن الشركة سيّرت أكثر من 20 رحلة إضافية خلال الأيام الثلاثة التي تسبق عيد الفطر من مختلف دول الخليج. ويؤكد أن غالبية المسافرين هم من اللبنانيين العاملين في دول الخليج الذين أتوا إلى لبنان لتمضية فترة العيد، لافتاً إلى أن تسيير رحلات إضافية هو أمر معتاد خلال فترات الأعياد.
إذاً، هل يمكن تصنيف هذا المؤشر في خانة «إيجابي»؟ المقارنة مع عدد الرحلات الإضافية في مثل هذا الموسم تكشف عن أن الرحلات الإضافية تراجعت بنسبة تصل إلى 50% لكنها لم تتوقف!
عند هذه النقطة، يمكن اللجوء إلى زاوية ثانية لقراءة مصير الموسم؛ بحسب رئيس نقابة أصحاب مكاتب السفر في لبنان، جان عبود، إن نسبة الحجوزات في اتجاه لبنان على الرحلات الإضافية (شارتر) التي سيّرتها شركات الطيران غير اللبنانية تصل إلى 100%.
وفي المجمل، سيرتفع عدد الطائرات التي ستهبط في مطار بيروت الدولي خلال فترة العيد (قبل العيد ببضعة أيام وبعده ببضعة أيام أيضاً) من 77 طائرة إلى 90 طائرة، أي بنسبة زيادة تبلغ 25%. هذه الطائرات آتية من دول الخليج بصورة أساسية ومن بعض دول أوروبا وأميركا الشمالية وكلّها مقفلة بنسبة 100%. ومعدل عدد الركاب على الطائرة الواحدة يبلغ 160 راكباً، ما يعني أن هذه الفترة ستحمل إلى لبنان عبر هذه الرحلات 14400 راكب. «غالبية الركاب، كما نتوقع هم من المغتربين اللبنانيين، ونسبة السياح العرب والخليجيين ستكون منخفضة نسبياً» يقول عبود.
هكذا، يصل مجموع عدد الركاب على رحلات الشركات اللبنانية (ميدل إيست) وغير اللبنانية إلى 17600 راكب غالبيتهم من المغتربين العاملين في دول الخليج الآتين إلى لبنان من أجل تمضية فترة العيد. وما يزيد هذه المؤشرات إرباكاً، أن وزارة السياحة قدّمت أخيراً إحصاءات عن الوافدين إلى لبنان، بعد غياب طويل عن نشر أرقام الوافدين، تتضمن أرقاماً غير دقيقة لجهة زيادة السياح الأوروبيين، فعلى سبيل المثال، قالت الوزارة إن زيادة أعداد الفرنسيين بلغت 60%، لكن تبيّن أنها 3.8% فقط!
في هذا الإطار، لا يمكن التنبوء بمسار الأيام المقبلة سواء تلك التي تسبق عيد الفطر المتوقع يوم الاثنين المقبل، أو تلك التي تليه. لكن الأكيد أن هذا الموعد يمثّل مفصلاً أساسياً للمؤسسات السياحية التي وضعت فيه الكثير من الآمال. كانت تتمنى، أن تتميّز الفترة الممتدة بين التفجير الانتحاري (فندق دي روي) في نهاية حزيران، وبين عيد الفطر في مطلع آب المقبل، بهدوء أمني يعيد لبنان كوجهة سياحية لمواطني دول الخليج. ولم تكن هذه الآمال معقودة لولا أنها استندت إلى تصريحات السفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري التي أطلقها في نهاية أيار 2014 موحياً بأن المقاطعة السعودية للبنان انتهت وأن هناك ضوءاً أخضر من السلطات السعودية لإلغاء تحذيرات السفر إلى لبنان... وعندما اندلعت النيران في فندق «دي روي» بسبب تفجير انتحاري في نهاية حزيران، راهن أصحاب المؤسسات السياحية على أن فترة الشهر بين هذا الحدث وبين نهاية رمضان كافية حتى ينسى زوّار لبنان مثل هذه الأحداث التي اعتادوا على سماعها. يقول عبود: «نتوقع أن تنشط الحجوزات من مواطني الدول العربية خلال الأسبوع الأول الذي يلي عيد الفطر».
باختصار، الموسم الثالث على التوالي أصبح على المحك.

*عن جريدة "السفير"